رمضان مسلمي الصين .. طاعات وعبادات

في الوقت الذي يحتشد فيه المسلمون في شتى أنحاء العالم مساء 29 من شهر شعبان كل عام لاستطلاع شهر رمضان، نجد معظم مسلمي الصين يستغنون عن هذه القاعدة بسبب التحديد المسبق لبداية شهر رمضان من قبل الجمعية الإسلامية الصينية.

وهذا التحديد يشكل قرارًا ملزمًا على أئمة المساجد إتِّباعه، فشعبان ثلاثون يومًا ورمضان أيضا ثلاثون يومًا كل عام، غير أن مجلس الجاليات العربية بكوانزو يقوم برصد هلال شهر رمضان كل عام، والذي غالبا ما يوافق التحديد المسبق للجمعية الإسلامية الصينية.

ورغم أن عدد المسلمين في الصين يتجاوز العشرين مليون مسلم، حسب الإحصائيات الرسمية، إلا أن هذا الرقم لا يشكل أية نسبة تذكر في المجتمع الصيني، مقارنة بالتعداد السكاني الهائل المكون لدولة الصين الشعبية، والذي يتجاوز مليار وثلاثمائة وخمسين مليون نسمة.

ولهذا فإن قدوم شهر رمضان لا يجلب ولا يزيد شيئا من الخصوصية لنمط حياة المسلمين الصينيين، عدا المناطق التي فيها أغلبية مسلمة، والتي استطاع المسلمون فيها الحفاظ على خصوصيتهم، والحفاظ عليها من الاندثار.

وتشمل مقاطعة "نينغ شيا"، ذات الأغلبية السكانية من قومية الخوي، إحدى الـ56 قومية التي تتكون منها الصين، وهي أكبر القوميات المسلمة العشر في الصين، وتتمتع بحكم ذاتي مستقل، إضافة إلى مقاطعة شينجيانغ "تركستان الشرقية" ذات الأغلبية من قومية الإيغور المسلمة، ذات الحكم الذاتي أيضًا.

ولأن المسلمين يتركزون في تلك المناطق من الصين، ويشكلون فيها أغلبية، يستعدون لرمضان بأحسن ما يملكون، فيكون الاستعداد اقتصاديا واجتماعيًا حيث يجتمع شمل الأسرة في رمضان.

أما الجو الرمضاني، فيشكل فيها لوحة إيمانية رائعة، فتجد المسلمين هناك يقبلون على المساجد لأداء الصلاة في جماعة خاصة صلاة التراويح، حيث يقضي المسلمون جل لياليهم في التراويح، والتهجد، والتقرب إلى الله تعالى.

وينتشر في الصين حوالي 30 ألف مسجد في أرجاء البلاد، ومن أقدم المساجد "نيوجيه" الذي بني منذ ما يقرب من 1000 عام، ومسجد "دونغ سي" الذي يعود تاريخ بنائه إلى 500 عام.

وبحلول شهر رمضان يبدأ الدعاة وأئمة المساجد في إلقاء دروس للمسلمين حول تعاليم القرآن وآداب السنة النبوية، خاصة تلك التي ترتبط بالصيام وأخلاق الصائمين.

ولايشعر المسلمون والعرب المهاجرون بالغربة في الصين خاصة، وذلك أن دخول الدين الحنيف للصين منذ فجر الإسلام أسهم كثيرا في تحسين العلاقة بين المسلمين والصينين الغير مسلمين، فهم يحترمون تقاليد وعادات المسلمين.

أما الطلبة الأجانب والمسلمون منهم، فتجدهم يتحلقون فيما بينهم أكثر من أي شهر آخر في محاولة لصنع الأجواء الرمضانية من خلال الطبخ، والإفطار والعشاء معا، وبالرغم من اختلاف جنسياتهم، إلا أن هذه التجمعات تجعلهم يشعرون كأنهم عائلة واحدة.

ورغم أن الصيام في الصين يمتد لقرابة الـ 15 ساعة ونصف، إلا أنهم يحاولون استثمار الوقت القصير بين الفطور والسحور من خلال تأدية صلاة المغرب، ثم محاولة أكل القليل من الأكل، ثم اللحاق بصلاة العشاء والتراويح، إمَّا في مصلى في بيت أحدهم داخل الجامعة، أو بالإلتحاق بمساجد المدينة.

ويوجد في الصين عدد كبير من المطاعم والمتاجر للأطعمة الإسلامية، ومن أشهر الأطعمة التي تنتشر في رمضان بين المسلمين في رمضان لحم الضأن المشوي، ويحرص المسلمون أيضا على تبادل الحلوى والتمر والشاي.

وما يلفت النظر هو أن شهر رمضان لدى مسلمي الصين هو شهر للتعبد، والتقرب إلى الله، وقضاء معظم الأوقات في المساجد، بينما في بلدان أخرى يصبح رمضان موسما تلفزيونيا وسينمائيا بامتياز.

هسبريس

أحد, 05/07/2015 - 10:43

          ​