الضفة وغزة وسيناء… هل ينفجر البركان؟

شهدت الاراضي الفلسطينية تطورات سياسية وامنية متلاحقة خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية على اكثر من صعيد، وسط اجواء غير مسبوقة من التوتر الذي ينذر بالانفجار.
فقد قتل جنرال في الجيش الاسرائيلي بدم بارد ومن دون سبب فتى فلسطينيا اعزل قرب حاجز قلنديا العسكري، الفاصل بين رام الله والقدس الشريف، فجر أمس الجمعة، وهو ما أدانه منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف. ولم تكتف اسرائيل بذلك بل دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة لمواجهة اطفال يرشقون الحجارة ما اثار تكهنات بانها تعتزم توسيع احتلالها في الضفة، او تفكيك السلطة الفلسطينية. وبالطبع فان هذه الجريمة ليست بالجديدة، ولن تكون الاخيرة، ولكنها تقدم دليلا جديدا على عزم اسرائيل مواصلة ازدراء القانون الدولي حتى بعد ان تقدمت السلطة الفلسطينية بملف اسود من جرائم الاحتلال الى المحكمة الجنائية الدولية، وبعد ان اعلنت الأمم المتحدة تقريرها بشأن الجرائم ضد الانسانية التي وقعت اثناء العدوان على غزة. وكذلك تشير الجريمة الجديدة الى ان اسرائيل فقدت اعصابها بل وجن جنونها بعد تقديم الملف الفلسطيني للمحكمة في خطوة تاريخية، ستلحق اضرارا معنوية هائلة باسرائيل امام العالم بغض النظر عما ستسفر عنه من اجراءات او عقوبات.
وفي غضون ذلك شهدت العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس تصعيدا خطيرا ينذر بتفجير جهود المصالحة، او ما بقي منها، إثر حملة اعتقالات شملت اكثر من مائة من اعضاء الحركة في الضفة الغربية. وتبادل الجانبان اتهامات قاسية، اذ قال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس «هذه الممارسات من الأجهزة العميلة لن تكسر شوكة الحركة ولن تضعف المقاومة». فيما قال المتحدث باسم الاجهزة الامنية في الضفة الغربية اللواء عدنان الضميري «لدى الاجهزة الامنية الفلسطينية معلومات عن نية حماس والاخوان المسلمين جر الضفة الغربية الى حرب، سواء مع الاحتلال او حرب داخلية، والتوصل مع اسرائيل الى اتفاق هدنة طويلة الأمد في غزة. واضاف «لذلك لن نسمح لحماس بان تعمل على تغيير المشهد في الضفة الغربية، وجعله مثلما يحصل في الدول العربية المحيطة» في سوريا والعراق. وجاءت هذه التطورات بعد انهيار الجهود لاقامة حكومة وحدة وطنية، ورفض حماس لاي حكومة «خارج التوافق»، ما يكرس حالة الانقسام عمليا.
الا ان طبيعة الاتهامات التي وجهتها السلطة الفسطينية لمعتقلي حماس هذه المرة لا تبدو بعيدة عن تصاعد التوتر الاقليمي وخاصة بين الحكومة المصرية وحماس اثر الهجمات الارهابية التي شهدتها سيناء مؤخرا. فقد صرح وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني رياض المالكي امس الاول لقناة «روسيا العربية» بان القاهرة ابلغت رام الله واطرافا اخرى انها تملك ما وصفته بـ «ادلة» على تورط الحركة في الهجمات، فيما سارعت حماس الى نفي اتهامات مشابهة من مسؤول اسرائيلي حدد اسمي عضوين بالجناح العسكري لحماس زاعما إنهما ضالعان في تدريب مقاتلين لتنظيم «الدولة» وتهريب الجرحى من سيناء الى غزة لعلاجهم. وذهبت صحيفة «تايمز اوف اسرائيل» مستندة الى مصادر مجهولة الى القول ان السلطات المصرية ربما تدرس توجيه ضربات قريبا الى مواقع عسكرية في غزة.
ومع القاء نظرة بانورامية على كل هذه المعطيات، قد تتبدى ملامح تطورات لا تقل خطورة. فهل تصب الاعتقالات في خانة التمهيد لاجراءات اكبر ضد حماس، ام انها مجرد اطلاق لرصاصة الرحمة على مشاريع المصالحة التي لم تتحقق ابدا؟ وكيف سترد حماس على الاعتقالات؟ وما معنى الانتشار الواسع للشرطة التابعة لحماس على الحدود المصرية مع قطاع غزة؟ وهل ثمة تقاطع للمصالح بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية لدفع الجيش المصري الى توجيه ضربات لحماس؟ ام ان السلطة تريد معاقبة حماس على محادثاتها المزعومة مع اسرائيل للتوصل الى هدنة طويلة قد تكرس «استقلالية» غزة عن الضفة؟ وهل حديث مجرم الحرب نتنياهو عن تواجد مزعوم لتنظيم «الدولة» في غزة تمهيد لعدوان جديد؟
اسئلة بلا نهاية، في ظل اوضاع تغلي مثل بركان قابل للانفجار في اي لحظة؟ وللاسف فان اسرئيل تبدو المنتصر الأكبر واحيانا الوحيد في اغلب اجاباتها. فهل تأخر الوقت أم مازال ممكنا ان نفعل ما هو اكثر من حبس الانفاس، والانتظار؟

رأي القدس

أحد, 05/07/2015 - 16:19

          ​