أسماء الزرعوني:القصة عشقي الأول… والعباءة هوية ثقافية لا تعوق الإبداع

أسماء الزرعوني واحدة من الكاتبات اللواتي أضأن المشهد الأدبي الإماراتي بفيض النور والإبداع: ولدت في إمارة الشارقة. نالت دبلوم التأهيل التربوي في تخصص المكتبات، بكالوريس تربية تمهيدي ماجستير، نشرت إبداعاتها في الصحف المحلية والعربية، هي نائبة رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والأمينة العامة لملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، عضو مؤسس لرابطة أديبات الإمارات، وعضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو مجالس وجمعيات متعددة تعنى بالثقافة واللغة والفكر والأدب.. نالت جوائز كثيرة، ولها عدد من الإصدارات في مجال الشعر والقصة القصيرة والرواية وأدب الطفل. وفي أفياء دوحتها الأدبية الوارفة كان لنا معها هذا الحوار:

■ كونك نائبة رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كيف تنظرين إلى دور المؤسسات الثقافية الوطنية في دعم الإبداع؟□ في الآونة الخيرة وبدعم المسؤولين للحراك الثقافي في دولة الإمارات، أصبح دورها واضحا وفعالا في دعم الأنشطة الثقافية، وكذلك دعم نشر الكتب المحلية، وعلى رأس هذه المؤسسات وزارة الثقافة والشباب، ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.

■ اختيرت بعض قصصك للتدريس في المناهج التربوية. ما الشروط الواجب توفرها في نص ما ليكون صالحاً للتدريس في بيئة المجتمع العربي عامة، والإماراتي خاصة.

□ نعم لكل بيئة خصائصها ولكل مجتمع عاداته وتقاليده، والكاتب ابن بيئته، وهو أكثر واحد يستطيع أن يكتب عنها، ومن حقه أن يُدرج إنتاجه في المناهج حتى يتعرف عليه أبناء وطنه.. كم حفظنا وتعرفنا على كتاب من خلال المنهج.

■ أنت مهتمة كثيراً بأدب الطفل، وقد نلت جائزة معتبرة في هذا المجال، لماذا كل هذا الاهتمام بالكتابة للطفل؟□ أنا في الأساس تربوية، وكنت أمينة مكتبة في مدرسة ابتدائية، وبعد اطلاعي على الكتب الموجودة وجدت أننا نفتقد إلى كتب الأطفال الجادة، ومن البيئة المحلية والعربية، فأغلب الكتب الموجودة هدفها تجاري، ولا تقدم أي ثقافة للأطفال.. لذا حاولت أن أتفهم مستوى الطفل الإدراكي، ولله الحمد نجحت.

■ ما المواصفات التي ترين أنها ضرورية في أدب الطفل الجيد؟□ أولها يجب أن يضع الكاتب هدفا، لأن الطفل يصدق أي معلومة تصله من خلال القصة، كما يجب السعي إلى إثراء اللغة لديه، وإعطائه المعلومة المفيدة التي تساعده على بناء الخيال العلمي هذا الزمن.

القصة القصيرة أقرب إلى قلبي وروحي

■ كتبتِ القصة القصيرة والرواية والشعر.. أيّ هذه الفنون أقرب إلى نفسك؟

□ القصة القصيرة التي كانت بدايتي منها، والبدايات عادة أقرب إلى القلب والروح.■ أذكر قولك: «كان حبّك كأشرعة السفن/ تحرّكها الرياح/ وكنتُ أنا كنخلة شامخة».. وقولك أيضاً: «أيها العميق الأزرق/ تذكّر النخلتين/ وحوار التمور/ بعد الرحيل». البحر والنخلة مفردتان أثيرتان لديك في قصائدك وقصصك.. ولدى كتاب الإمارات عموماً. لماذا؟

□ نعم أنا ابنة بيئتي عشت طفولتي على البحر هذا العملاق الأزرق الذي أحببته كالأب الحنون.. يسمعني ويحميني ويخيفني في أحيان كثيرة.. النخلة ترافقني باخضرارها وشموخها الدائم.

■ المرأة حاضرة دائماً في الأدب النسائي، وأذكر أنها شكّلت متّكأ سرديّاً لك في عدد من القصص والقصائد.. تُبَثُّ من خلالها الأحزان، ويتمّ البحث عبرها عن الذات. ماذا تمثّل لك المرأة؟□ المرأة ليست نصف المجتمع..

هي المجتمع بأكمله.. هي العطاء المتجدد من دون مقابل.. هي من تنثر عبير الورد من خلال إبداعاتها، فتمنح الكون أطفالاً وحياة متجددة.

■ ثمة رموز أنثوية ظاهرة في الشعر الإماراتي النسوي بالتحديد، ولعلّي أشير تحديداً إلى رمز العباءة، وأتذكر هنا صالحة غابش وغيرها، وأتذكر قولك: يعانقها الكبرياءُ/ عباءتي/ ومنها يرتوي/ جسدي. كيف تجمعين بين العباءة والحداثة؟ أهي رمز للتواصل بين الماضي والحاضر؟

□ لم تكن العباءة يوماً إعاقة أمام الإبداع والنجاح، وأنا بعباءتي استطعت أن أنثر حرفي وفكري في أنحاء الوطن العربي وغيره، وصالحة غابش صديقة العمر أبدعت في جميع المجالات، وهي تعانق عباءتها.■ في شعرك نزعة رومانسية واضحة، فيه حضور طاغ للطبيعة، وبروز للألم الذاتي. أتسعين إلى كتابة القصيدة الرومانسية؟ أم أنّك تتركين نفسك الشاعرة تسير على هواها؟

□ الطبيعة دائما تستهويني، امتزاجها مع الرومانسية يعطي القصيدة نكهة خاصة.. فهما تخلقان معاً لوحة إبداعية متكاملة.

■ في قصصك إصرار على اختراق حاجز المغلق المكاني، مهما كان الحصار شديداً، تجعلين في الغرفة الباردة المغلقة «نافذة صغيرة تسرق ملامح نور خفيف ينفذ من الخارج».

من أين تستمدين التفاؤل الذي يصبغ كثيراً من أعمالك الإبداعية؟

□ لا بد من التفاؤل مهما ضاق المكان، والقارئ العربي ينتظر لحظة التنوير، ولا بد للأديب من أن يزرع الأمل في النفوس.

النهاية المفتوحة تجعلالقارئ شريكاً في إنتاج النص

■ تلجأين في بعض الأحيان إلى ترك نهايات قصصك مفتوحة على عدة احتمالات قصة «الجرثومة» مثلاً.

أليس من المفترض أن تنهي القصة دائرة الحدث؟ أم أنّ لك رأياً آخر..

□ حين تكون النهاية مفتوحة فإن القارئ يأخذ دوراً إضافيا.. يصبح شريكاً في إنتاج النص، وهذا ما أسعى إليه.

■ يلاحظ القارئ لقصصك أنك تعتمدين على لغة مجازية رفيعة المستوى، محمّلة بالدلالات، تستثمر الثقافي والشعبي والرمزي، وتوظفه توظيفاً تدقيقاً. كيف تفهمين اللغة؟ ومن أي بئر تملئين جرار السرد؟

□ هذه أداوت يمتلكها الكاتب الناجح، وهو إذا أراد أن يكون عند حسن ظن متلقيه يجب عليه أن يتقن اللعب بكل هذه الأدوات ويوظفها فكرياً وجمالياً. الفصحى أوسع انتشاراً واللهجة العامية تعبّر عن البيئة الشعبية.

■ أنت كما هو معروف عضو جمعية حماية اللغة العربية. ولا تخلو أعمالك، وأعمال الأدباء عامة من رصيد سردي شعبي يعتمد على اللهجة العامية أساساً له. هل تجدين تناقضاً بين الأمرين؟

□ الكتابة الروائية والقصصية يجب أن تكون بالعربية الفصحى حتى تصل للجميع ونلجأ أحيانا إلى العبارات العامية لخدمة العمل الروائي أو القصصي ولمناسبة المجتمع القصصي ومستوى تفكير الشخصية ولغتها.■ تستعرضين في عدد من قصصك وضع المرأة في المجتمع الإماراتي.

هل تعتقدين أن هذا المجتمع ما زال ذكورياً؟

وأين تقف المرأة الإمارتية المثقفة الآن؟□ هناك تغير واضح في دولة الإمارات وسبقت دول عربية كثيرة، فالمرأة أصبحت قيادية وتشارك الرجل في السياسة.. هناك المرأة الوزيرة والمرأة السفيرة وعضو المجلس الوطني وغيرها.. وهذا بفضل حكومتا الرشيدة ..

لقد أخذت المرأة دورها ومكانتها التي تستحق وهذه كانت إحدى أمنيات وتطلعات والدنا الشيخ زايد طيب الله ثراه.

 

ثلاثاء, 11/08/2015 - 10:13

          ​