عيد الحب من تقليد مسيحي إلى لحظة ثقافية عالمية إلى أين؟

يصادف يومنا هذا احتفالا عالميا بعيد غريب يحتفل أهله بعاطفة الحب ومعاني الغرام ويتبادلون الهدايا الدالة على المشاعر ومبادلة الاحاسيس، عيد يطرح جملة من القضايا الثقافية والعرفية والشرعية لا نريد أن نتناولها بالتفصيل بل سنقتصر منها على الجانب الثقافي محاولين رصد المسار التاريخي لهذا العيد لنقف على الجذور الأصلية  التي ينبع منها هذا المصطلح والشجرة التي أنبتته أول ما نبت؟ .

 

يحمل يوم الحب أو يوم القديس فالنتين اسم اثنين من القديسين من شهداء المسيحية فى بداية ظهورها، كلاهما يحمل اسم "فالنتين" أحدهما كان يعيش فى روما وقتل عام 269 بعد الميلاد، والثانى كان يعيش فى تورنى قُتل أثناء فترة الاضطهاد التى تعرض لها المسيحيون أثناء عهد الإمبراطور أوريليان، ولا يوجد أى مجال للحديث عن الرومانسية فى السيرة الذاتية الأصلية لهذين القديسين اللذين عاشا فى بدايات العصور الوسطى، ولكن بحلول الوقت أصبح اسم القديس فالنتين مرتبطًا بالرومانسية فى القرن الرابع عشر، حيث تم تجميل المعتقدات التقليدية الشائعة عن فالنتين برسم صورة له كقسيس رفض قانونًا لم يتم التصديق عليه رسميًا يقال إنه صدر عن الإمبراطور الرومانى كلوديس الثانى؛ وهو قانون كان يمنع الرجال فى سن الشباب من الزواج. وافترضت هذه الروايات أن الإمبراطور قد قام بإصدار هذا القانون لزيادة عدد أفراد جيشه لأنه كان يعتقد أن الرجال المتزوجين لا يمكن أن يكونوا جنودًا أكفاء. وعلى الرغم من ذلك، كان فالنتين، بوصفه قسيسًا، يقوم بإتمام مراسم الزواج للشباب. وعندما اكتشف كلوديس ما كان فالنتين يقوم به فى الخفاء، أمر بإلقاء القبض عليه وأودعه السجن.

أما فى النصف الثانى من القرن العشرين، فقد امتدت عادة تبادل بطاقات المعايدة فى الولايات المتحدة الأمريكية لتشمل كل أنواع الهدايا؛ وهى هدايا يقدمها الرجال عادةً إلى النساء.تشتمل هذه الهدايا بصورة تقليدية كالزهور وشيكولاتة يتم تغليفها بقماش الساتان الأحمر، ووضعها فى صندوق على هيئة قلب. أما فى الثمانينات من هذا القرن، فقد ارتقت صناعة الماس بمنزلة عيد الحب لتجعل منه مناسبة لإهداء المجوهرات. وارتبط هذا اليوم بالتهنئة الأفلاطونية العامة والتى تقول: "أتمنى لك عيد حب سعيد"، كما تطورت بطاقات المعايدة إلى البطاقات الإلكترونية التى يتم تبادلها من خلال شبكة الإنترنت.

 

أما اليوم وبعد أن اصبح العالم يعيش قرية صغيرة يتساوى فيها الغرب والشرق في تناول الأحداث والتعبير عنها وينعكس على كليهما احتفالات الآخر وآثار ثاقفته،وبعد أن أحتك المسلمون بالحضارات الغربية ولم تعد هناك حدود كبيرة بين الثقافات، صار من اللازم تجديد حدود سليمة لمفردات العولمة الوافدة والتي تكتسح العالم محاولة قلب المفاهيم الغربية وإلباسها أثوابا يرغمنا التحضر على تجربتها أحيانا ـ ولتولد من مختلف مظاهر الثقافات العالمية مناسبة تخدم الانسانية و تسير في مجرى غير الذي يقصد بها في الاصل، وذلك  لصالح أهداف خفية لا تدرك بسهولة، وإنما يوحي بها الصفاء والبعد عن المدينة والحضارة.

 

ويكفي ردعا لمن تشده الحضارة لمحاكاة الآخر النظر في الأصول التاريخية لجميع المظاهر الثقافية التي نسير في ظلالها يوما بعد يوم متمتعين ومتنزهين على راحة تامة، فعلينا قبل ذلك بقليل أن نعود لتاريخ الأحتفلات والأعياد العالمية لنعرف العلاقة التي تربطها بمجتمعنا العربي المسلم، قبل أن نكون أناسا من أهل القرن الواحد والعشرين أهل التقنيات الحديثة ووسائل الاعلام المتطورة والحرية المفتوحة التي تفرض علينا أن نشارك الآخر لحظاته بكل روح رياضية.

 

ديدي نجيب

أحد, 14/02/2016 - 21:49

          ​