موريتانيا.. و الضبع.. والانتخابات

 يحكى أن رجلا كان قليل الحظ والبركة قليل النفع فقيل له: اذهب إلى العالم الفلاني في المكان الفلاني قص عليه شانك يخبرك عن الحل، وعندما ذهب وجد في الطريق ضبعا كاسرا فسأله: إلى أين أنت ذاهب؟ فقال:إلى العالم الفلاني فقال له الضبع:أنا أحميك حتى تصل إلى نهاية الغابة وانتظرك حتى تعود بشرط أن تخبره أن رأسي يؤلمني فما علاجه، وبعد نهاية الغابة وجد شخصا يحرث أرضه فأمره أن يخبر العالم بأنه يحرث ولا ينتج فما علاجه، ثم أراد أن يقطع البحر لكي يصل إلى العالم فإذا بسمكة تأتي إليه فتحمله إلى الشاطئ الآخر وهي بانتظاره حتى يعود بشرط أن يسال العالم ما سبب زكامها، وعندما وصل إلى العالم كان الجواب: ارجع فان رزقك وراءك، وخذ هذا السعوط للسمكة، وصاحب الأرض امرأة بحاجة إلى زوج، والضبع بحاجة إلى قليل عقل يأكله فيشفى.

 

عاد الرجل إلى السمكة فأعطاها السعوط فعطست فأخرجت جوهرتين فقالت له: خذهما انتفع بها، قال: لا حاجة لي بها إن رزقي ورائي. وصل إلى الحراث فعرضت عليه أن يتزوجها على سنة الله ورسوله طالما أنه ليس له زوجة ولا مال ولا أهل، فرفض طلبها قائلا: إن رزقته وراءه … وعندما وصل إلى الضبع الكاسر فحكى له القصة فقال الضبع:

 

ومن أين لي برجل اقل عقلا منك، فأكله.. القصة تختصر المشهد السياسي اليوم في موريتانيا كلما انتقلت من حكم لآخر أومن جهة سياسية إلى أخرى تريد فيها النجاة أوردتها المهالك، وإلا ما السر وراء انتزاع الحظ والبركة من اقتصادنا كما هو الحال مع النخب والمثقفين الذين من المفترض أنهم حماة الراية والذائدون عن حرماتها. ذلك أن المتأمل والمتابع لما يجري في الساحة السياسية اليوم يحزن كثيرا لما يرى من شد وجذب وصراعات تفوح منها أنها رائحة حرب مصالح شخصية لا غير، وأن القائم فيها مهما رفع من شعارات براقة لا تعدو كونها وسيلة للوصل لهدف شخصي ليس بالسامي ولا النبيل.

 

 

وعلى هذا فإن الجميع يدرك جيدا نتائج الاستحقاقات القادمة، ويعرف لمن ستكون له الغلبة...، ولا أحد يتحمل المسؤولية في كذلك أكثر من المعارضة - وهنا لا أعمم – بالخصوص فيما يتعلق ببعض الأشخاص المستقلين الذين نتوسم فيهم الخير والبحث عن المصلحة العاليا. إلا أن كثرت الإخفاقات التي اركبها قادة المعارضة الموريتانية بمختلف أطيافها تشكل الركيزة القوية والثغرة الكبيرة التي أوتيت موريتانيا من قبلها فتسرب عبرها ما حصل للبلد خصوصا في الفترة التالية، مما جعله فريسة سهلة الاصطياد.

 

هذا فضلا عن وضعية العامة لشعب يلعب بعقول عامته مثل ما يفعل مع قادته ونخبه، إن أمة من الناس تعيش بين سندان الفقر ومطرقة الجهل حري بها أن لا تصفق للحاكم ولا تلهث وراءه. فهل تصحوا نخبنا مستقلين ومعارضين وموالين من الغفلة وتلم شملها وتجمع قواها لتنجوا بموريتانيا من مخالب الضبع الكاسر .. ، وتعمل وفق هدف موحد برؤية واضحة، بعيدا عن الخلافات الشخصية والطفولية، والبحث عن المصالح الذاتية الدنية؟ أم تعود إلى الضبع فتحكي له فشلها ووهنها عزيمتها وإخفاقها في تحديد الأهداف والاجتماع عليها فيركلها برجله ويرميها في مزبلة التاريخ أنها.

 

بقلم : عبد الله / محمد الحسن ولد أمانة الله

أربعاء, 14/05/2014 - 10:26

          ​