اللحية والحجاب دليلان على الإرهاب!

في عرض نفذته القوات الخاصة الأردنية أثناء معرض متخصص في ‘شؤون الصناعات الدفاعية ومعدات العمليات الخاصة’ (سوفكس) ظهرت صورة رجل ملتح باللباس الأفغاني وامرأة محجبة على أنهما إرهابيان يحملان أسلحة في حين جسّدت الرهائن الأبرياء صور لفتيات ذوات ملامح غربية، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً في الاردن لأن المعرض ملتقى دولي يجمع صناع القرار وممثلي الحكومات وكبار القادة العسكريين مع منتجي ومطوري المعدات العسكرية في العالم، أي أنه عملياً يجمع النخبتين السياسية والعسكرية الخطيرتي التأثير في العالم والمنطقة العربية.رداً على العرض المذكور قامت أردنيات من احدى المنظمات السياسية الإسلامية بتنظيم وقفة احتجاجية في عمّان العاصمة احتججن فيها على ‘الربط بين الحجاب والإرهاب’ ودافعن، وإن بمقاييس دينية بحتة، عن حقهن في ارتداء الحجاب وفي حق الرجال باطلاق اللحية، دون ربط ذلك بحقوق البشر المتعارف عليها عالمياً.ديمة طهبوب، منسقة الوقفة، اعتبرت ما جاء في المعرض ‘ضربة قاسية لقطاع واسع من القطاع الأردني الذي تعتبر معظم نسائه محجبات’، أما حياة المسيمي، زميلتها، فأسفت لتقليد الحكومات المسلمة للحكومات الغربية، والتعليقان يشيران الى نقطتين مهمتين:الأولى هي النظرة العمومية المتعسّفة (الأقرب للعنصرية) السائدة في التنميطات الإعلامية والسياسية المتداولة بين أصحاب القرار السياسي والعسكري، عرباً وأجانب، نحو الشعوب الإسلامية وتقاليدها الاجتماعية.والثانية هي التماهي الفكري والسياسي للنخب الحاكمة العربية والإسلامية بنظيراتها الغربيات دون مساءلة او اعتبار يحترم الخصوصيات التاريخية والاجتماعية والفكرية لشعوبها.الموقف الغربيّ (وخصوصاً في طبعتيه اللتين التقتا في السنوات الأخيرة على احتقار المسلمين: اليمين العنصري واليسار الدوغمائي) مفهوم في ربطه المقصود بين التفاصيل الشكلية للمسلمين (كالصلاة والأذان والحجاب واللحية والجلباب) وبين الإرهاب الذي هو مفهوم عامّ يشمل أولاً إرهاب الدول لشعوب بأكملها، والذي تتشارك في ارتكابه دول ومنظمات ونخب تدين بالاسلام واليهودية والمسيحية.بهذا الربط الخبيث يخلي الغرب مسؤوليته عن أزمات العالم الاقتصادية والسياسية والتي يؤدي استفحالها وانغلاق الآفاق فيها الى الارهاب بالضرورة، الذي هو نتيجة وليس سبباً، والمسلمون أول المنكوبين به، بل إن وجود تنظيمات إجرامية تتكنى بالاسلام هو من ‘هدايا’ وأفضال هذا الغرب على المسلمين، وليس العكس!غير أن الأكثر إزعاجاً وإيلاماً من نفض الغرب يديه من نتائج أفعاله ونسبتها الى ضحاياه ولجوئه دائماً الى الحلول الأمنية منكراً أسبابها التاريخية والاجتماعية العميقة (كما هو الحال في فلسطين وافغانستان والعراق على سبيل المثال لا الحصر) فهو وكلاء الغرب المحليون، من حكام الأنظمة العربية والاسلامية الذين جعلوا من ‘مكافحة الإرهاب’ بضاعتهم الأولى لتبرير تأبيد سلطاتهم واستمرار قمعهم وفسادهم وطغيانهم، الأمر الذي لم يترك منافذ للشعوب إلا باتجاهين: التقليد الكاريكاتوري المبالغ فيه للأساليب الغربية في التفكير والحياة واللباس والاستهلاك المفرط في المأكل والملبس والاقتناء، أو هروب الأغلبية المطحونة الى أفكار السلفية والتطرّف، وهما تجلّيان مرضيّان لمجتمع مأزوم أزمة عميقة.وفي زمن تقمع فيه حريات البشر الأساسية: الحياة والتعبير والسفر والعمل والسكن والأمان لا يعود أمام الناس سوى أجسادهم ليعبّروا بها عن رفضهم للطغيان المسلّط عليهم، سواء باطلاق اللحية او بارتداء الحجاب، أما حين يطارد الطغيان آخر ما تبقى لهم من تعبير فهو لا يعرض عليهم من خيار سوى الموت: قهراً او انتحاراً.

رأي القدس

جمعة, 16/05/2014 - 11:34

          ​