الإخوان ضد الإخوان

كنتُ فى عزاء الدكتور فريد عبدالخالق.. فى السرادق المقام أمام مسجد مصطفى محمود فى المهندسين فى أبريل 2013.كان فريد عبدالخالق واحداً من مؤسسى جماعة الإخوان المسلمين مع الأستاذ حسن البنا.. وكان ملازماً له وعضواً فى مكتب الإرشاد.. ومرجعية إخوانية لها مكانة واعتبار.وُلد فريد عبدالخالق فى عام 1915 ورحل فى عام 2013 عن 98 عاماً.. ومن مآثره أنه دخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية باعتباره أكبر باحث فى السِّن يحصل على درجة الدكتوراه على مستوى العالم.. حيث إنه ناقش الرسالة وعنده 94 عاماً!حضرتُ جنازة الدكتور فريد عبدالخالق فى مسجد الحصرى، ودارت أحاديث متقطعة مع الأَساتِذة مهدى عاكف وحسن مالك وعبدالرحمن سعودى.

 

وفى العزاء دارت أحاديث أخرى.. كنتُ فيها جميعاً أحاول فهم «الثابت والمتحوّل فى جماعة الإخوان المسلمين».كانت هذه هى المرة الأولى التى حضرت فيها خطبة للدكتور محمد بديع.. الذى ألقى كلمة فى تأبين الفقيد. وكانت المفاجأة.. أن شاباً واحداً يركب دراجة بخارية قرر أن يدور بها حول السرادق.. ويصيح بأعلى صوته: «يسقط يسقط حكم المرشد».

كان مدهشاً.. كيف لشخصٍ واحد أن يقوم بمظاهرة صاخبة وجريئة على هذا النحو. وكانت دهشتى أكبر حين قال بعض «الإخوان» من حولى: للأسف.. أصبح الناس يكرهوننا.. واستشهد بعضهم – فى حوارٍ واقف عقب العزاء – بما كان يقوله «الراحل الكبير» فى نقد جماعة الإخوان المسلمين.. فى جميع مراحلها.وقد عدتُ قبل أيام لقراءة بعضٍ من أعمال الدكتور فريد عبدالخالق وقد أعدتُ -عدة مرات- قراءة ذلك الحوار المهم الذى أجراه الأستاذ «صلاح الدين حسن» فى صحيفة «الوطن» بتاريخ 31 ديسمبر 2012 وكان ذلك فى زمن حكم جماعة الإخوان المسلمين.وقد رأيتُ أن أقومَ بتفصيلِ الحوار إلى نقاط، دون تعديل أو تغيير، حتى يَقِفَ القارئ والباحث على جانبٍ مثير من معركة «الإخوان ضد الإخوان».يقول الدكتور فريد عبدالخالق مساعد الأستاذ حسن البنا عضو مكتب الإرشاد:

 

1- النظام فى جماعة الإخوان المسلمين كان سرياً وكان يكذب.. والإسلام لا يعرف السرية ولا يعرف الكذب.. ولذلك رفضتُ الانضمام له.

 

2 - كانت هناك مقولة رائجة فى صفوف الإخوان بأن «حسن الهضيبى» قبل أن يلقى ربّه عهد إلى هذه المجموعة أن تملأ الفراغ وتجمع الإخوان: «أحمد حسنين، مصطفى مشهور، حسنى عبدالباقى، وأحمد الملط».لكن الأخ عبدالقادر حلمى قال لى ذات مرة إن أحمد الملط كان عنده فى المنزل لأنه كان طبيب عائلته. وسأله عبدالقادر: يا أخ أحمد.. هل صحيح ما تقولون من أن حسن الهضيبى قبل أن يموت عهِد إليكم بكذا وكذا؟ فقال أحمد الملط: «يا أخى.. ماذا لو كذبنا لتحقيق الخير للجماعة». قال لى عبدالقادر حلمى: حين سمعت أن هذا كذب وغير صحيح، جعلت هذا الموقف فِراقاً بينى وبين أحمد الملط.

3- الذين أعادوا تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1973 بعد رحيل «حسن الهضيبى» هم جماعة «النظام الخاص»، وقد شاعت عنهم مقولة لا تقل خطورة «إننا لا نستطيع أن نعلن اسم المرشد العام لاعتبارات أمنية، لذلك لا نخرج به إلا لمن كان معنا وبايعه دون أن يعرفه».. وقد قابلت مصطفى مشهور فى دار الإخوان فى بريطانيا وقلت له: كيف يبايع الناس مرشداً مجهولاً؟!

 

4- تولى عمر التلمسانى منصب المرشد العام، ولكنه اشتكى لى كثيراً أن جماعة «النظام الخاص» لهم وجود خاص، ويشكلون ازدواجية. وقالى لى: يا أخى أنا أَبْلَع لهم كثيراً.. كنا إذا اتفقنا على قرارٍ بالليل خالفوه بالنهار.. إنهم لا يسمعون لى، وهذا من أشد ما يؤلمنى.

5- كان «كمال السنانيرى» واحداً منهم.. كان يستعرض أمامى أنه أقوى من المرشد.. وذات مرة كنّا فى مقر الإخوان فى التوفيقية، وقد أَسْمَعَنى ما أكْرَه. جاء بشاب أمامى وبادره بسؤال أذهلنى.. يا أخ فلان.. إذا قلتُ أنا لكَ كلاماً، وقال عمر التلمسانى كلاماً.. أىُّ كلامٍ تسمع؟.. قال: كلامك طبعاً يا فندم!

 

6- فى انتخابات 1984 وجدت واحداً من الإخوان اسمه «عصام العريان» قال للأخ حسنى عبدالدايم عضو مكتب الإرشاد: «يا أخ حسنى أنا من إيدك دى لإيدك دى بس رشحونى».. فمسكتُ أذنَه بيدى وضغطتُ عليها، وقلت له: يا ولد أنت فى دعوة وليس فى مناصب دنيوية.

7- اختلفتُ مع الجماعة عام 1984، لأنها كانت تُقّدم التنظيم على الدعوة.. وأنا لا أستطيع أن أتعاون مع إخوان هذه رؤيتهم للدعوة.8

- قد تكون لخيرت الشاطر مطامع أن يشكِّل حكومة.. لكن نحن تربيْنا على أن نعطى الدعوة ولا نأخذ منها، ولا نعيش عليها.حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.

 

 

 أحمد المسلماني

خميس, 04/09/2014 - 08:31

          ​