صدى الصوت.../ بقلم : أحمد علام

  • الأجراس وتندهش العيون،  تلقاء فتاة تسير في الطرقات مع أختها ، بعدما خرجت من بيتها في ريحانة الأمان ، يداعب الهواء شعرها ، تبتسم مع إشراقة الصباح ونسيم اليوم الجديد، متجهة إلي جامعتها ، والتفاؤل يتساقط من عينيها بمستقبل رائع ، يحمل لها كل الأمنيات والأحلام الجميلة ، وهي تنظر إلي تلك اللوحة المشرقة ،راسمة أجمل الأشكال  , ترفرف حولها أعذب الألحان في كل لحظة , تشاركها الطيور في السماء منطلقة في الهواء , تتراقص بين علوٍ وإنخفاض وسط السلاسل الذهبية لأشعة الشمس , ويكاد قلب الفتاة يخرج من جسدها  ,ويطير بها بين الطيور في لحظات حانية رقيقة , وأصوات تنسجم وتتناغم مع مشاعرها ,  وهي تنظر محلقة في السماء تحتضن الدنيا , حتي لاتهرب منها لحظة من تلك السعادة الغامرة التي تضفي علي الدنيا كلها روعة وجمال.
  • فجأة ينتهي كل ذلك بحركة ثعبانية ، من إنسان تجرد من إنسانيته ، ليتوحش فيفترس ضحيته التي لا ذنب لها ، سوي أنها أنثي ، لبيدأ بنسج خيوطه حولها بنظرات مزعجة ، تشعرها أن بها عيبا ما ، أو خللا خَلقيا ، وهي لا تراه بل تتعامل بمنتهي الطبيعية مع الكون كله ، وتتبادل مع كل الوجود بحميمية فطرية ، وود بلغ منتهاه ، حتي يسدل الستار علي كل ذلك ، معلناً نهاية السعادة ، وبداية الألم ، وهي تتساءل هل ذنبي أنني خلقت أنثي؟ وهل أنا أداة للتسلية يتقاسمها الناس واحداً تلو الأخر؟ هل أنا عديمة القيمة والكرامة لهذه الدرجة من الإهانة والمعاملة الحيوانية لجسدى؟ وكأنني ورقة تستعمل ثم يُرمي بها في قارعة الطريق ليقذفها المارة هنا وهناك،  وليس لها الحق في الحياة والحب والسعادة، لا بل أنا إنسانة بكل معني الكلمة  ، خُلقت هكذا وسأظل إنسانة حتي أخر لحظة في حياتي ، ومن يعترض فليذهب إلي بطون الجحيم ، مع أمثاله من الحيوانات البشرية التي تجردت من معاني الإنسانية، حيث كلما إرتقى الإنسان وشعر بهذه الإنسانية ، الهبة التي ميزنا الله بها عن الحيوانات ، لنتحكم في غرائزنا ، ونري الإنسان إنساناً ونتعامل معه علي هذه الدرجة التي تنم علي التحضر والتمدن، فكلما عامل الرجل الأنثي علي أنها إنسان كلما إرتقي في سلم المدنية والتحضر ، ورسخ في الوعي الجمعي للناس أنها ليست أداة جنسية ، بل إنسان له مشاعره وأحساسيه ، فلا ينظرون للمرأة المطلقة كالسيارة المستعملة يجب أن يدفع لها أقل من المرأة العذراء،  فتلك نظرة حيوانية للمرأة ولاتمت للحضارة بصلة.
  • ومما يؤسف له أن معدل التحرش إحصائياً علي مستوي العالم ، المركز الأول أفغانستان ثم مصر ثم السعودية وهذا رداً علي كل من يدعي أن التحرش سببه المرأة بملابسها الفاضحة الكاشفة، فتلك الدول المذكورة لا تكاد ترى المرأة أساساً ، ورغم ذلك تحتل أعلي معدلات التحرش بالمرأة في العالم، ولا غرابة في ذلك حيث تكمن الإشكالية في نظرة المجتمع للمرأة .
  • المرأة هي الأم ، والزوجة ، والإبنة ، والأخت ، المصانة من كل أذى ، والجوهرة التي تزين الحياة كلها ،  بل هي الحياة ذاتها، وأي إعتداء عليها هو إعتداء علي الحياة ذاتها ببكارتها وجمالها...
  •  ثم تعود الفتاة لترواد عقلها بسؤال حائر : "هل يسمع أحد صوتي أم هو مجرد صدي صوت؟"
أربعاء, 12/02/2020 - 16:13

          ​