انفجار المرفأ "الغامض" يعيد طرح أسئلة بشأن مخازن أسلحة "حزب الله"

تحت عنوان "نحن ملعونون، صدمة ويأس في بيروت، حيث دمر انفجار المدينة"، قالت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية إن الصدمة واليأس هيمنا على مشاعر المواطنين اللبنانيين في أعقاب الانفجارات الهائلة التي ضربت العاصمة، الثلاثاء، التي وصلت آثارها المدمرة إلى مسافة أربعة كيلومترات. ونقلت عن شاب عشريني قوله، "نحن ملعونون، حتى إذا كان ذلك حادثاً، فإن هذا آخر شيء يمكننا تحمله". وأضافت، "المرة الأخيرة التي شهد فيها لبنان انفجاراً مدوياً يقترب من هذا الحجم كانت في عام 2005، في عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في انفجار سيارة مفخخة".

لن تقنع أحداً البيانات الرسمية التي صدرت بعد الانفجار، ولم تتوان عناوين بعض الصحف عن أن تطلق عليها لقب "بيروتشيما". حتى المسؤولون أنفسهم يصرحون وهم غير مصدقين للكلام الذي يتفوهون به. اللبنانيون الذين لا يزالون غير مصدقين والأغلب يظنون أنهم يعيشون كابوساً، متأكدون أن الغموض و"اللفلفة" سيطمر معالم الجريمة التي حدثت في مرفأ بيروت.

 

التضارب في المعلومات وتأخر صدور الرواية الرسمية، عززا شكوك المواطن اللبناني الفاقد للثقة بالسلطات. المعلومات التي رشحت عند وقوع الحادث قالت، إنه استهداف إسرائيلي مقصود لمخازن أسلحة تابعة لـ"حزب الله"، وكثير من شهود عيان أكدوا أنهم رأوا الطائرات وسمعوا أصواتها ودوي جدار الصوت. وأخرى تحدثت عن حريق مفتعل على غرار الحرائق التي حصلت وتحصل في مواقع استراتيجية في إيران. معلومات أخرى قالت، إن حريقاً اندلع في العنبر رقم 12 في المرفأ، وامتد وتوسع إلى حيث تخزن مواد متفجرة منذ أكثر من ست سنوات. وقبل ذلك قيل إن المخزن هو للمفرقعات النارية. لكن فرضية تخزين مواد متفجرة جاء تأكيدها على لسان رئيس الحكومة حسان دياب الذي أشار إلى وجود 2750 طناً من نيترات الأمونيوم في مستوعب في مرفأ بيروت.

ويشكك الذين يستعملون هذه المادة في عمليات التفجير داخل المقالع والكسارات، بإمكانية حصول أي انفجار بسبب النترات من دون تحضير أو ضغط هذه الكميات، ولا يمكن مهما كانت العوامل المباشرة أو غير المباشرة إحداث انفجار في كمية الأمونيوم، إلا بوجود عامل مساعد عمل على ترتيب التفجير بشكل تقني. كما أن تخزين مواد متفجرة منذ سنوات، بحجم 2750 طناً، في أحد عنابر المرفأ يؤكد أنه من غير المعقول أن يكون الحادث نتيجة إهمال، من دون إغفال ما جاء في الرواية الرسمية من الانفجار تلى محاولة لتلحيم فتحة صغيرة لمنع السرقة.

إسرائيل والتفجير

المعلومات التي تحدثت عن ضربة إسرائيلية نفيت من قبل مسؤول إسرائيلي، الذي قال "إسرائيل ليست لها علاقة بالحادث"، بحسب وكالة "رويترز". لكن لا يمكن فصل هذا التفجير، ولو نظرياً على الأقل، عن سياق الأحداث التي جرت وتجري منذ فترة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بما في ذلك التهديدات الإسرائيلية بضرب أهداف حيوية في لبنان يستخدمها "حزب الله" لتهريب الأسلحة، واستهداف مراكز للحزب في سوريا، وعلى منشآت داخل الأراضي الإيرانية، والاعتداء على الطائرة الإيرانية في الأجواء السورية والتي كانت متجهة إلى مطار رفيق الحريري. وأيضاً استهداف الخلية لتابعة لـ"حزب الله" في مزارع شبعا، بحسب التصريحات الإسرائيلية.

مخازن الأسلحة

روجت إسرائيل في السنوات الأخيرة لرواية مفادها أن "حزب الله" يستغل العديد من المواقع المدنية في بيروت وغيرها، من أجل تخزين صواريخ وأسلحة متطورة. وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهذه الرواية مدعوماً بصور التقطتها الأقمار الاصطناعية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في سبتمبر (أيلول) 2018، متحدثاً عن ملعب لكرة القدم يستخدمه فريق "العهد" المدعوم من "حزب الله"، وموقع شمال مطار رفيق الحريري الدولي، وموقع ثالث يقع أسفل الميناء ويبعد مئات الأمتار عن مدرج المطار. وإذا صحت فرضية استهداف إسرائيل لمخزن سلاح، فإن الرسالة هذه تقرأ في سياق استهداف الإسرائيليين في السابق الممرات البرية والجوية التي يدخل منها "حزب الله" الأسلحة إلى لبنان. ويبدو أن المرفأ الذي يستخدم لتهريب الأسلحة، بحسب الاتهامات الإسرائيلية، لم يعد ممراً آمناً بعد اليوم.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت، في عددها الصادر اليوم، إن "أصابع الاتهام توجهت إلى إسرائيل بعد الانفجارات الهائلة التي ضربت بيروت، وصاحب ذلك تفسيرات تشير إلى الحملة التي تشنها إسرائيل ضد إيران". وأضافت "بعض الألغاز التي سيتعين على المسؤولين اللبنانيين كشفها تنصب على ملكية المستودع الذي وقع فيه الانفجار، وطبيعة المواد سريعة الاشتعال التي كان يحتويها، وما إذا كانت هناك مواد أخرى قابلة للاشتعال في الميناء والأحياء السكنية أو مناطق حساسة أخرى".

يربط محللون متابعون لشؤون "حزب الله" بين أحداث حصلت في عدة دول. ففي يوليو (تموز) 2012، اعتقل عنصر من "حزب الله" في قبرص اسمه حسين عبدالله بعد اكتشاف 8.2 طن من نيترات الأمونيوم في قبو منزله في لارنكا. في أغسطس (آب) 2015، اعتقل ثلاثة عناصر في الكويت بعد اكتشاف 42000 باوند من نيترات الأمونيوم و300 باوند من متفجرات الـC4 وأسلحة في منزلهم.

عام 2017، داهمت السلطات البوليفية مخزناً كبيراً تابعاً لـ"حزب الله" ووجدت فيه كميات كافية من المتفجرات لإنتاج قنبلة بوزن 2.5 طن. وفي هذا العام، داهمت السلطات الألمانية عدة مخازن جنوب البلاد وجدت فيها كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم المستخدمة في صناعة المتفجرات.

نقلاً عن "إندبندنت عربية"

جمعة, 07/08/2020 - 15:52

          ​