هل سيكون الحوار من أجل وضع النظام السياسي على السكة الصحيحة؟ / إشيب ولد أباتي

فطرح السؤال هو من اجل المشاركة في توضيح الرؤية لاحداث تغيير يستجيب لمطالب المجتمع الموريتاني، وهو تغيير الظاهر منه اسناده  الى القائمين على الشأن  السياسي من القوى السياسية من قيادة الحراك الاجتماعي العام، وهذه المطالب لامفر من الاستجابة لها اذا توفرت النوايا الصادقة  للمتحاورين، وكذلك وضوح في الرؤية حول الاساليب، والأهداف من الحوار المنتظر.

فما هي  أسس هذا الحوار المسؤول؟ وشروطه؟ وغاياته؟ ان هذه التساؤلات تحدد الإطار النظري، الذي ينبغي ان يكون واضحا للمتحاورين من قيادة الحزب الحاكم، وقادة الحراك الاجتماعي السياسي الذين طالما همشت رؤاهم السياسية من طرف النظم السياسية السابقة، او تم التعامل مع قادته بالترغيب تارة، والترهيب اخرى دون الاستفادة من آرائهم الامر الذي افقد انظمة الحكم تفعيل دور القوى التي لابد من مشاركتها في بلورة المشروع الوطني الذي يقود التغيير وليس الاصلاح الترقيعي فحسب، حيث ثبت فشل كل المحاولت البديلة  خلال ستين سنة الماضية، وفي احداث تنمية اجتماعية واقتصادية بما انعكس على عدم الاستقرارالسياسي الذي طالما جعل بلادنا عرضة للتهديدات الخارجية، والاضطرابات الداخلية، والعجز عن الاستجابة لمطالب المواطن في ابسط حقوقه المدنية، 

1ـ أسس الحوار السياسي أهمها: التوافق على المبادئ العامة  التي يجب حمايتها، كالنظام الجمهوري، والوحدة الاجتماعية العامة ومكوناتها،  واستقلال وسيادة الوطن، وحرية المواطن بما يكفل له القانون من حرية مدنية كالعدالة الاجتماعية، والكرامة الوطنية، وصون الممتلكات الخاصة، والحفاظ على الوحدات الاجتماعية المكونة للجسم الاجتماعي العام، وتفعيل دور الفئات الاجتماعية في الاستقرار بما يناقض التهميش السابق، وحماية الملكية العامة للدولة، ومرافقها العمومية، وصون مصادر الثروة الوطنية، وتوظيفها لاحداث تنمية اجتماعية، وعلمية واقتصادية،،

2 ـ الشروط المطلوبة في الحوار السياسي العام، اذ ينبغي التركيزعلى  الحلول النظرية في البرامج السياسية لكل حزب سياسي، وكيف ينظرقادته الى القضايا الوطنية العامة،،وهذه المرجعيات النظرية مطلوبة من كل حزب سياسي، حتى يهتم بتحديد الاهداف والاساليب  في مقاربته للقضايا الوطنية،، ولا تكفي  الانتقادات اللاذعة في الخطاب السياسي، بل لابد من تقديم الحلول السياسية، ومحاولة الاستفادة منها في الحوار المطلوب،،  

3ـ الغايات من الحوار السياسي: يسعى الغائيون الى تحقيق اهداف أولية مستعجلة، وأخرى قصوى، ويحتاج تحقيقها مجتمعة الى وضع برامج في شكل خطط  نظرية، واخرى عملية،،ومن أهم الاهداف ألأولية  ان يحصل تفاهم ما من اجل وضع آليات للحوار الذي يركزعلى ضرورة مشاركة القوى السياسية  دون تهميش لحزب، او تيار، او شخصيات سياسية ،،ومراجعات كل التصورات السابقة التي  تحدد وظيفة الاحزاب السياسية المعارضة لغاية المعارضة، كاصوات ناعقة تعبر عن الحرية الديقراطية بمفهومها الغربي الغوظائي، وليس بالنظر اليها كمعارضة وطنية تراقب العمل السياسي، وتوجهه، وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية للكل، وتشارك في الأداء السياسي، وليس التواضع على انتقاء وجوه بارزة  في التجارب السابقة، وتوظيفها، توظيفا تكنوقراطيا بعد كل انتخابات اعترافا بخدمات الشخص في مقولة " وجب قضاء فائتة" كما وردت على لسان وزير سابق،، بينما المطلوب الآن هو: اشراك الاحزاب السياسية، وحتى قيادات الحراك السياسي التي ليس لديها احزابا نظرا لعدم التزامها بالشروط العامة لتكوين احزاب سياسية غير عرقية، ولا ادري كيف سمح للأحزاب القبلية، والجهوية، بينما تم رفض نظيرتيهما الفئوية والعرقية، فالأحرى اشراك الجميع في حوارعلني لايستثني احدأ، ويحترم وجهات النظر الأخرى في كل القضايا المطروحة، وحينها سيظهر للجميع حدود التوظيف للمصالح الفئوية، ومواجهتها بالحوار البناء، الأمر الذي يمكن من البحث عن حلول عامة وليست جزئية محدودة الغاية منها اسكات فئة ما وترك الفئات الأخرى،،

والمستغرب  في غمرة تجارب الستين سنة الماضية، هو تهميش التيارات والاحزاب السياسية، بل والقضاء عليها، وعدم اشراكها في حكومة  وطنية تشارك فيها كل الاحزاب السياسية حسب مقاعدها في البرلمان، فالنجاح في الأخير يمثل استحقاقا عاما يوجب احترام معطياته، ومنها المشاركة في الاداء السياسي بمعنى ان يشمل الأداء التنفيذي في أي حكومة  ابتداء من هذا الحوار،،

اما الغايات القصوى من الحوار، فينبغي ان يكون تحقيق استقرار سياسي، يمهد لوضع  أواليات للمشروع الوطني في مواجهة عوائق التنمية، والتحديث، والتغيير الاجتماعي المنتظر، وضمان التداول السلمي في الانتخابات، ومأسسة الاحزاب السياسية للتداول الرئاسي، واخراج الأخير من نفوذ المؤسسة العسكرية الوطنية التي حمت بعض التجارب السابقة، ولكن من الآن فصاعدا، ينبغي ان يناط بها تكوين جيش وطني قوي يدافع عن وحدة التراب الوطني، أما تعدد المهام الملقاة عليها كالعمل السياسي فسيكون على حساب اداء واجباتها في الدفاع عن الوحدة الوطنية،،ولعل التجربة السياسية للعسكريين في لبنان مثالا لفشل التداول السياسي للعسكريين الخاضع لتقسيم السلطات بين مكونات المجتمع الطائفية،،

 فهل ينجح الحوار الوطني في احداث  قفزة نوعية في الاتجاه، أو أنه سبيقى يراوح في مكانه الى ان تعاجله متغيرات خارجية، لا سمح الله وحينها لن يتمكن  السياسيون من الحوار، والنقاش الهادف لتحقيق الغايات الأسمى؟

جمعة, 15/01/2021 - 13:01

          ​