متاهات المصلحة الشخصية والوطنية / احمد حبيب صو

الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي تلقب بأرض المليون شاعر هل هي أرض المليون سياسي؟

لن ندخل في الغلو وخاصة عندما ننظر للحياة المجتمعية لموريتانيا حين نقول ان الشعب الموريتاني  في مرحلته الراهنة والتي بدأت مع التسعينات، هو من أكثر شعوب العالم، إن لم يكن أكثرها، ولعاً بالسياسة وانهماكاً فيها. فكلّ فرد فيه تقريباً هو رجل سياسة من الطراز الأول وحتي المدونين في وسائل التواصل الاجتماعي . فلا  نكاد نتحدث إلى بائع حانوت أو سائق سيارة اجرة حتى تجده يزن لك البضاعة ويفاوض في الأجرة وهو يحاورك بالسياسة أو يسألك عنها اشطاري في الدولة. وقد يحمل الحمال لك البضاعة فيحاول في الطريق أن يجرك إلى الحديث في السياسة وهو يزعم أنه لو تسلم مقاليد الأمور لأصلح نظام الحكم بضربة واحدة ولكن ماهي الرؤية السياسية السائدة وخاصة عندما نستمع جيدا تتلخص السياسة بأنها وسيلة للتكسب الشخصي قبل أن تكون مبادئ؟للاسف دخلنا مرحلة المأزق  الحقيقية التي  تواجه مفهوم السياسة، الا وهي  انعدام مفهوم المصلحة العامة في ثقافة مجتمعنا، أو أن دلالة مفهوم المصلحة يؤشر إلي  معنى سلبي أو لا أخلاقي! وهنا تكمن إشكالية سوء الفهم التي تنعكس على ممارسة العمل السياسي برمته وإنتاج الوعي الشعبي ؛ في حين عملية الاقتران بين السياسة والمصلحة العامة تشير إلى أن المصلحة المقصودة هنا كل ما يجتمع عليه رأي المواطنين في المجتمع من سيادة حكم القانون، وحفظ السلم والأمن، والرغبة بالحياة الحرّة والكريمة. وهذه المحددات هي المعيار الذي يؤسس للسياسة مشروعيتها، وليس المصلحة الخاصة لمن يدير الشأن السياسي ولكن اين نحن من ذلك ؟.

اخوتي لنتفق أن  من أسباب الخلل التي طرأ على المجتمع هو تفريطنا أفي مصالحنا العليا، والإخلال بها، سواء بسبب مصالح شخصية لبعض الأفراد والمنتفعين، أو بسبب مصالح حزبية وطائفية لأحزاب وطوائف وتنظيمات، جعلت مصالحها الخاصة فوق مصلحة الجميع، وضربت  بأرض الحائط بعلم او بغير دراية بقيم المواطنة .

إن المصلحة الوطنية جزء أصيل لا يتجزأ من كيان وفكر أي مواطن أصيل، وخاصة في وطن متعدد الأعراق والثقافات وحلقة وصل بين افريقيا جنوب الصحراء وشماله فعلينا إذا  تغليب المصالح الوطنية فهي واجب وطني، والتعبير عنه سهل ميسور يتأتى من كل فرد غيور في أي مجتمع وفي أي موقع كان، فالأسرة التي يحرص كل فرد فيها على أن يكون مواطناً صالحاً في مجتمعه، متحلياً بالقيم الإيجابية، قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والأخلاق الحميدة وحب الوطن والولاء له والسلامة من التحزب والتطرف والانتماءات الدخيلة والحرص على الأمن والاستقرار يعبر بذلك تلقائياً عن تغليبه للمصالح الوطنية وعلينا أن نستغل الفرصة، فرصة الهدوء السياسي والمناخ العالمي الذي يتجه للتنمية الداخلية لندخل التنمية الوطنية انطلاقا من أن المصلحة العامة هي نفسها المصلحة الخاصة بوصفنا أفراد في المجتمع وذلك بالحوار الجاد .

ولكن هل نحن مستعدين؟

 

سبت, 13/02/2021 - 11:26

          ​