موريتانيا.. من الهامش إلى المركز ..؟؟؟؟

موريتانيا الآن لا ترتمي في حضن قطب معين ولا تدور في فلك دون آخر، إنما باتت مركز ثقل سياسي على الصعيدين العربي والإفريقي.لم تعد عواصم المال والنفوذ تملي على نواكشوط مواقفها السياسيةبل أصبحت قيادة البلد تتعاطى بتوازن وحكمة مع مجمل القضايا الإقليمية والدولية دون أن تغفل مصالحها وتأمين عمقها الإستراتيجي وواجبها الديني والإنساني. من هذا المنطلق يمكن فهم زيارة فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز لشمال مالي لدرء الفتنة بين الجيران الأشقاء ووقف نزيف الدم.لقد جسد هذا السلوك أن رئاسته للاتحاد الافريقي ليست منصبا شرفيا كما يحلو للبعض أن يعتبرها، بل مسؤولية جسيمة تحتم المخاطرة والتواجد في بؤر التوتر لاقتلاع جذور الشقاق والتمزق في كل دول القارة السمراء.

 

إن هذا التصرف يعكس بعديْن مهمين ينبغي التوقف عندهما: الأول أن فخامة الرئيس يقدّر معاني الأخوة التي تربطنا بالشعب المالي الشقيق ويرفض أن يتحول هذا البلد الجار إلى ساحة فشل تقود للفوضى وتؤجج لحرب ضروس تتربح من ورائها العصابات والدول المصدرة للسلاح، بينما تهلك الحرث والنسل وتزف آلاف البؤساء إلى المقابر. يجب الإقلاع عن إدمان العناد السياسي والإقرار بأن القيادة الموريتانية لبت النداء الإنساني والديني وعصمت دماء وأعراض المسلمين في شمال مالي بعد أن أقنعت الفرقاء بإسكات صوت الرصاص ودفعتهم للجنوح للحوار.

 

هذا عن الجانب الإنساني والديني في مهمة الرئيس. أما عن البعد الأمني والاستراتجي، فلا يخفى علي أولي الأبصار أن تفجّر النزاع في مالي كفيل بزعزعة الاستقرار في الولايات الشرقية من البلاد وجعلها قبلة للاجئين والنازحين الهاربين من الموت.وبهذا الاتفاق يكون الرئيس جنب موريتانيا تدفق أفواج اللاجئين على أرضها وحال دون حدوث انفلات أمني على الحدود الشرقية قد يؤثر سلبا على يقظة الجيش المرابط على الثغور منذ عدة أعوام. الجيش الموريتاني الذي قدم عشرات الضحايا وتحدى قسوة الصحراء ووحشية الإرهاب لضمان أن ينعم المواطنون بالأمن والاستقرار.بيد أن نجاح القيادة في أسلمة النزاع بشمال مالي لا يبنبغي تناوله خارج سياق عودة الدبلوماسية الموريتنانية للتأثير وتوازن القيادة في التعاطي مع الملفات الإقليمية لتكريس استقلال استقلال القرار السياسي. لعل موريتانيا الدولة العربية الوحيدة التي تتعامل أحداث المنطقة دون أن تسير في محور الدوحة أو الرياض ودون الاستئناس بهدي أنقرة أو طهران فمنذ اللحظة الأولى لتفجر الصراعات الراهنة، اختار فخامة الرئيس الموريتاني أن يمسك العصا من المنتصف فلم يسفّه توق الشعوب العربية للتحرر، ولم يبارك في ذات الوقت جر الدول إلى الفوضى والاضضطراب.وقد جسد هذا التوجه في الأزمة الليبية حيث بذل جهودا حثيثة للحيلولة دون انحدار البلد في درك الفشل، لكن الطرفين لم يستجيبا لنصحه وقررا المضي معا نحول المجهول.

 

ورغم حدة الاستقطاب السياسي في الفضائين العربي والمغاربي، حرصت القيادة الموريتانية على أن تظل قبلة لجميع الفرقاء وتسدي النصح دون أن تدعم طرفا على حساب الأخر ودون أن تساوم على استقلال قرارها السياسي. يتجلى هذا التوجه في توازن موقف الرئيس من الأزمة في مصر، وفي استقباله لقادة حماس ودعمه لغزة في الوقت الذي تربطه علاقات قويه بالسلطة الفلسطينية في رام الله.

 

وخلافا لما جرت عليه العادة منذ عقود، يسوس الرئيس الموريتاني الملفات المغاربية دن أن يقف في صف الرباط أو الجزائر.بقي فقط أن نقول إن القيادة الحالية برهنت منذ اللحظة الأولى على استقلال قرارها السياسي عندما جرفت الوكر الصهيوني في عاصمة المنارة والرباط ورفضت حينها الإصغاء لإملاءات عواصم القوة وتعاملت بازداء مع ترهيب وترغيب المانحين.الدكتور أحمد سسالم بن مايابى

أحد, 25/05/2014 - 23:21

          ​