التسول في كنف الجمهورية وعدالة توزيع الثروة

كل قوانين الجمهورية تؤكد حق المساواة وحق العيش الكريم وحق التمتع بخيرات الوطن لجميع ابنائه وفئاته وشرائحه وهي من بديهيات التعايش المشترك ، فلماذا الواقع المعاش يفند نصوص قيام الجمهورية واهم دعامات تأسيس المشروع الوطني ... ؟ وكيف سمحت النخبة المسيطرة والمسيرة والموجهة والحامية ، لبعض افراد شعبها القليل امتهان التسول و محاولة البقاء في كنف الجمهورية الوطن باقسى اسباب العيش و استجداء البقاء من إخوة الوطن وضيوفه ، حتى الثّاقل المسئول من شدة وطأة صورة البؤس والحرمان التي علقها الواقع عند كل تقاطع طرق وحول كل إشارة مرور عابر من احد شوارع الجمهورية الفقيرة واقعا الغنية فعلا بمواردها الزاخرة في شتى المجالات ....؟

 

ظاهرة التسول ما قبل الجمهورية تبررها فاتورة البقاء الباهظة التكلفة فالحياة للأقوى في اتفاق طلابها على اديم صحرائها القاحلة و بين شعوبها وقبائلها المتوجسة خوفا من غدر الجار او الصائل والباحث عن دعامة بقاء من رصيد الآخر ومن حظوظه و مكاسبه المنتزعة او المكتسبة ؛ غير ان ظاهرة التسول بعد قيام الجمهورية لا يمكن تبريرها بالسكوت عنها ولا بتحريمها بالقوة دون اعتماد اجراءات ملموسة و دائمة لكسب معركة البقاء بلطف لكل المتسولين ولا تمكن معالجتها بالتألم والتحسر على حالها انها اكبر دليل مادي حي ومعاش على فشل كل الخطط الاجتماعية والوطنية الرامية الى وحدة الشعب منذ تأسيس دولته و عجز انظمته عن تنفيذ وعود الوطن بعدالة توزيع الثروة واليوم تراكمت على قارعة طريق تعهدات رئيس الجمهورية دون سواه وعليه ان يطلع الجاليات في الخارج والشعب في الداخل على ارقام تناقص اعداد المتسولين عند الانارات وداخل كل تقاطع طرق مهما كانت تلك الارقام ، اما تقريرها بحرقة و الم فهو من باب إقرار واقع عصي على الإصلاح او محاولة إصلاح فاشلة الاعتراف بها يترتب عليه ما بعده وليس حل حكومة او تعيين حكومة من نفس السراج الخافت بل حلول شاملة و معالجة واعية وتشخيص دقيق للظاهرة من كل نواحيها وخاصة اسباب تبرير استمرارها لأن ممارسة الظاهرة تنقسم الى قسمن :

 

قسم امتهنها واعتبرها وسيلة كسب لجمع المال وتأمين الحياة كأي وظيفة اخرى

 

قسم أرغمته الحياة عليها وشجعه مجتمع ألبدات الرحل المتحضر فجأة عليها ، وفي كلا الحالتين فإن الدولة الوطنية وحدها من يملك الحل المادي المجسد على ارض الواقع لا المشاعر الجياشة المرسلة بسخاء من على منابر الأغنياء .

 

وعلى الرغم من المحاولات السابقة الهادفة الى انشاء دور للمتسولين و رواتب و امتيازات ما ، فإن اعتماد قانون يحرم امتهان الظاهرة و ترسيخها كمهنة مقبولة رسميا واجتماعيا سيكون الزاجر الاول للذين اعتبروها كذالك على ان يرفق القانون بقانون آخر ينشئ هيئة وطنية خاصة بمتابعة الظاهرة وعناصرها و انشاء مراكز وطنية على عموم التراب الطني تعنى بتقديم الغذاء والدواء للفقراء والعجزة المقطوعين و ان تصرف رواتب للمتسولين الذين اعدت لهم الجهات المختصة لوائح بعد احصاء شامل لهم على مستوى العاصمة على ان تعمم هذه الإجراءات على عموم التراب الوطني ولو اضطرت الدولة الى افتطاع نسبة من صندوق الاجيال لتسيير هيئة المتسولين الوطنيين فمن المفارقات الغريبة ان تتحدث عن تأمين صناديق للاجيال في حين تزدحم مدننا وشوارعها الضيقة بالمتسولين وهم احق بكل فائض من مال الشعب بدل ادخاره لأجيال ان اجتهدنا فقد نخلق لهم من مصادر الادخار ما يتجاوز الصندوق الحالي عديم الفائدة والتأثير في واقع البلد ، كما ان رصد امكانيات من مال الشعب احق بها فقراؤه و حشود المتسولين عند الانارة وداخل ملتقيات الطرق التي باتت اتجاهاتها تتباعد يوما بعد آخر حينما قررت النخبة الانحياز لمصالحها وتخلت عن تاريخ حافل بالشعارات المضللة فيما يبدو

 

سيدي عيلال

خميس, 31/03/2022 - 09:27

          ​