خالد الفالي يكتب عن قضية اليمني الذي يهاجم موريتانيا

لم يسبق لي أن التقيت يمنيين إلا مرة واحدة، وكل ما فهمت من ذلك اللقاء أنهم "مگعرين". كان ذلك على أطراف جادة شانزليزيه في باريس وكنا نبحث عن مطعم وأحد الرفقة لا يمتلك جوازا صحيا وكان آنذاك ضروريا للدخول. أعتذر مطعم تركي وآخر نادله مغاربي، وعندما وصلنا إلى مطعم يمني وأخبرناهم لم يخافوا وقالوا لنا تفضلوا لا مشكلة، وقدموا لنا أرزا مع لحم حنيذ. على العموم هذا اليمني أساء لنا بالتعميم، ولا تعليگ على ما قاله..

ثانيا، ثقافة "التملاح" هي التي تتحكم في العالم. فالبنك الدولي يملح الدول النامية، والغرب يملح الأفارقة وأمريكا تملح الجميع، وخبراء التنمية البشرية يملحون المحبطين في الحياة. والحكومات تملح شعوبها، ووزارة التعليم تملح المدرسين بالأمل، والدراما الموريتانية تملح المشاهدين تماما مثل هوليود وبوليود، حتى في مجال العلوم المبنية على التجارب الدقيقة يحدث الكثير من التملاح للعقول المنبهرة. والإعلام أكبر وعاء للتملاح في عصرنا. أنا بدوري مُلحت في نقطة ساخنة من طرف رجل ملتحي وآخر حليق. وفي معاملات أخرى، ملحت من طرف أشخاص أظهروا قدرا كبيرا من اللباقة والأدب. ومع ذلك، فإن كل "تمليحة" يتعرض لها الإنسان تضيف له رصيدا من اليقظة والتروي والحزم، وكلما زادت اليقظة أصبحت الثقة في حياتنا أكثر ارتباطا بالوقائع وليس بالافتراضات والأحكام المسبقة. فعندنا للأسف، الكثيرون يبنون ثقتهم انطلاقا من الشكل الخارجي أو الكلام المعسول أو حتى ما ينشر بمثالية على مواقع بالتواصل الاجتماعي، أو الاكتفاء بالسؤال "أنت منمن؟". نحن في هذه الدنيا معرضون جميعا للتملاح وفي النهاية: (( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ))، فيوم القيامة الحساب فردي. فوالد إبراهيم عليه السلام لم يؤمن، وامرأة النبي لوط أصابها الهلاك، وابن نوح عليه السلام لم يصعد السفينة، وأبو لهب كان عم الرسول عليه الصلاة والسلام وكان عمه أيضا حمزة رضي الله عنه، وإخوة يوسف أخطأوا ثم تغيروا نحو الأفضل. لا شيء مطلق، ففي الأسرة الواحدة مثلا، يتباين الأولاد الأشقاء في الخير والشر وفي أسلوب الحياة ونمط التفكير. هنا في أوروبا مثلا، لا يحترمون إشارات المرور لأنهم مواطنون صالحون جميعا كما يعتقد البعض بل لأن هناك غرامات إلزامية يخشاها الكل. الأخلاق مهمة لكنها لا تكفي لبناء العدالة، لابد من تطبيق القانون على الجميع. أما تفاصيل المظالم التي لا تصلها غالبا العدالة في الحياة الدنيا، فإن عدالة أكبر تنتظرها في يوم عظيم: (( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )). 

شرح المفردات:
لمگعرين: المقدامين
التملاح: الخداع المغلف بالفضيلة في المعاملات.
نقطة ساخنة: سوق بيع الهواتف الجديدة والمستعملة في نواكشوط
أنت منمن: ماهي قبيلتك
الحكومات: مفردتها حكومة
الشعوب: مفردها شعب
بداية النص: لا علاقة لها بالموضوع، فقط، أردت إخباركم أنني زرت باريس..

ثلاثاء, 19/04/2022 - 15:29

          ​