أكلة لحوم الأطفال والنساء

ما من جماعة بشرية بلغ بها التوحش حداً يستباح معه كل شيء، كما يحدث الآن لما يسمى تنظيم "داعش" . وما نشر مؤخراً عن الاتجار بالأعضاء البشرية والمخدرات في الموصل، يضيف إلى القائمة السوداء ما هو أقرب إلى الخيال . فكيف يتكون رأس مال عقيدة من كل هذا المال الحرام؟ وهل سينتهي آكلو لحوم الأطفال وتجار الرقيق إلى أكل أنفسهم؟

نادرة هي اللحظات المماثلة لهذه اللحظة في التاريخ، كأن كل ما يترسب من الافرازات السامة ينفجر دفعة واحدة .
ولو قيض لجماعات كهذه أن تتمدد وتستطيل مخالبها وأنيابها، فإن كل ما أنتجته البشرية من حضارات يصبح في خطر، لأنها لا تؤتمن على متحف أو مدرسة أو كتاب . لكن لحسن حظ الإنسانية أن مثل هذه الجماعات قصيرة العمر، وتحمل بذور فنائها في جذورها، لأنها مضادة للعقل ولكل ما حلم به الإنسان من تعايش ووئام، انها تذكرنا بأسطورة يونانية عن حرب نشبت بين الآلهة والشيطان، وكان سلاح الشيطان الوحيد أنه غامض وغير مرئي، بحيث تكون استراتيجيته في القتال أن يضرب ويهرب، لكن عصرنا غادر الأساطير، وإن كان قد أعطاها دلالات تاريخية، فالشيطان الآن مرئي ومرصود، و"عقب آخيل" بالنسبة إليه، أي مقتله، هو الفكرة التي تسيطر عليه ويظن أنها سبب للحياة والاستمرار، وهي في الحقيقة سبب مباشر للانتحار . ما الذي تبقى أمام هؤلاء كي يستكملوا شرورهم، بعد كل هذا السطو والاغتصاب وتحويل المرأة إلى سلعة؟
ولأنهم بلا حدود وبلا أية روادع فإن كل شيء متوقع منهم، لهذا كلما تعجل العالم في استئصالهم كورم خبيث، تكون الحرب أقصر، والحرب في هذه الحالة ليست على أفراد أو أجساد مغسولة الأدمغة، بل هي على أفكار قابلة للانتشار واستثمار الأمية التي تتفاقم نسبها المئوية في هذه المنطقة المنكوبة من العالم .
في إحدى المحاكمات القديمة يُروى عن أحد القضاة أنه طلب من المتهم الماثل أمامه أن يذكر له جريمة واحدة لم يقترفها، لأن ملفه الأسود كان يضم الجرائم كلها من القتل إلى السطو إلى الاغتصاب . والآن هناك من يضيفون إلى هذه الجرائم الاتجار بالأطفال والنساء والأعضاء البشرية المنتزعة من أحشاء الضحايا .
لكن الجريمة الأكبر والأبشع من كل هذه الجرائم، هي أن ما يحدث يستخدم الدين ذريعة .

خيري منصور

خميس, 25/12/2014 - 09:45

          ​