مشكلة الفقر والحل المفقود

تلتئم اليوم في بلادنا ورشة للمصادقة على الدراسة المُتعلقة بمعايير اختيار برامج ومشاريع الفقر و البيئة في موريتانيا. وهذه سانحة مناسبة أستغلها للحديث عن الحلول لمشكلة الفقر في بلادنا.

وتنتهى الألفية بعد الألفية والمشروع بعد المشروع ويتم اختتام الوُرش والندوات دون التطلعات ودون أن ينتهي الفقر في مجتمعنا لأن تلك الإجراءات بقيت كلها جزءا من المُشكلة وليست جزءا من الحل.

إن تمويل المشاريع المُدرة للدخل والتدخلات في مشروع دكاكين أمل وغيرها من المشاريع بما فيها المشاريع الخاصة بالريف _ رغم أهميتها_ جاءت حلولا مؤقتة لكنها لم تكن كافية.

لكن لكل داء دواء، وُجد الداء وشُخِّص لكن لم يوجد الدواء المناسب.

إنه بعيدا عن الفلسفات والخِطط الخمسية والعشرية والتحليلات الاقتصادية الرأسمالية وغيرها والتعاون مع شركاء موريتانيا في التنمية. فإن الحل هو في تبني وتطبيق التنظيم الرباني الذي يسمى ( الزكاة ) ولكي يتم التفصيل في ذلك نَلفت الانتباه إلى أمرين اثنين هما:

الأمر الأول: أن الله فرض الزكاة وجعلها ركنا من أركان الإسلام و الإعجاز القرآني في أن أول مصرف بدأ به الله تعالى هو مصرف الفقر و الفقراء، في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

الأمر الثاني : عندما طبقت الزكاة في زمن عمر بن عبد العزيز خلت البلاد من مستحقي الزكاة كما يقول أستاذنا البروفسور فوزي عطوي عليه رحمة الله:" إن التطبيق السليم للنظام الاقتصادي والمالي الإسلامي الهادف إلى التراحم والتكافل لا إلى صراع الطبقات، قد أفضى ذات يوم إلى أن بعض بلاد المسلمين خَلَت من مستحقي الزكاة وذلك بحكم العمالة الكاملة والإنتاج الكامل، الذَّيْنِ تَجاوزا بالسُّلم حدَّ الكفاف إلى مشارف الغنى، فهل نطمح إلى مثل هذا التطبيق، ولو في دولة غير إسلامية؟ " .

إن الباحث هنا يرى أن الحل النهائي لمشكلة الفقر يتجلى في اتخاذ الإجراءات الآتية :

1ـ سن تشريعات مُلزمة لكل الشركات ( بما فيها البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية ) ورجال الأعمال، بضرورة دفع زكاة أموالهم ، ومن دفع الزكاة تُخَفَّض الضرائب عنه، أو تُلغى ، لأن الأصل في الشريعة الإسلامية هو الزكاة والصدقات وليس الضريبة.

2ـ إقامة وإنشاء صندوق حكومي للزكاة تشرف عليه وزارة الاقتصاد، على غرار الدول العربية كالسودان ودول الخليج قاطبة، يعمل على جمع الزكاة وصرفها بالطرق الحديثة .

وذلك على حسب قرار مجمع الفقه الإسلامي الخاص بالزكاة ونكتفي بسرد هذا الجزء منه للأهمية والاختصار:

قرار رقم 165(3/18)

من مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن تفعيل دور الزكاة في مكافحة الفقر وتنظيم جمعها وصرفها بالاستفادة من الاجتهادات الفقهية

أولاً: الأموال غير المنصوص عليها محل اجتهاد بشأن زكاتها أو عدمه، إذا توافرت في الاجتهاد الشروط والضوابط.

ثانياً: ليس على المزكي تعميم الأصناف الثمانية عند توزيع أموال الزكاة. أما إذا تولى الإمام، أو من ينوب عنه، توزيع أموال الزكاة فينبغي مراعاة تعميم الأصناف عند توافر المال وقيام الحاجة وإمكان الوصول لتلك الأصناف.

ثالثاً: الأصل أن تُصرف الزكاة فور استحقاقها أو تحصيلها، ويجوز تأخير الصرف تحقيقاً للمصلحة، أو انتظاراً لقريب فقير، أو لدفعها دورياً لمواجهة الحاجات المعيشية المتكررة للفقراء ذوي العجز.

رابعاً: مصرف الفقراء والمساكين:

* يصرف للفقراء والمساكين ما يسد حاجتهم، ويحقق لهم الكفاية ولمن يعولون ما أمكن، وذلك وفق ما تراه الجهات المسؤولة عن الزكاة.

* ويصرف للفقير –إذا كان عادته الاحتراف- ما يشتري به أدوات حرفته، وإن كان فقيراً يحسن التجارة أعطي ما يتجر به، وإن كان فقيراً يحسن الزراعة أعطي مزرعة تكفيه غلتها على الدوام. واستئناساً بذلك يمكن توظيف أموال الزكاة في مشروعات صغيرة كوحدات النسيج والخياطة المنزلية والورش المهنية الصغيرة، وتكون مملوكة للفقراء والمساكين.

* ويجوز إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية من مال الزكاة وفقاً لقرار المجمع 15(3/3).

 

فهل تستجيب السلطات المختصة لتطبيق شريعة الله في المال.

 

الدكتور محمد الأمين ولد عالي، خبير في الاقتصاد الإسلامي

ثلاثاء, 30/12/2014 - 09:16

          ​