أين الحقيقة؟

منذ فترة و بصفة مفاجئة تعالت أصوات حكومية تدعو للحوار وآخرها كان فى مهرجان شنقيط حيث دعوة الرئيس الصريحة للحوار بعد أن كان التعنت هو سيد الموقف، وتباينت التحليلات حول الأسباب والدوافع، مع اتفاق الجميع 

على الظروف الإقتصادية الصعبة ( تراجع أسعار مواردنا المعدنية فى الأسواق العالمية وتوقف اتفاقية الصيد وسوء التسير) مما ولد أزمة إقتصاية إضافة إلى أزمات أخرى إجتماية وسياسية؛ فالبعض لا يرى فى هذه الدعوة إلا مناورة سياسية لإكتساب مزيدا من الشرعية ولتخفيف الإحتقان وكسب الوقت، بينما يرى آخرون أن الرجل يريد خروجا آمنا من السلطة بعد أن أوصل البلاد إلى طريق مسدود وكادت أن تهوي فى مهاوى الردى، كما تفاوتت درجات الإستعداد فى الطبقة المعارضة بين من يميل إلى الرفض ويرى عدم الجدية فى الحوار وإنما هوبحثا عن مخرج سياسي يمنح الرجل بعض المصداقية أو الشرعية كما يحلو لأصحاب الطرح، وآخرون يميلون إلى الحوار ولكن بشروط وضمانات خوفا من التلاعب بهم على غرار تجارب سابقة!

وجدير بالذكر أن العاصمة شهدت عدة إجراآت تنظيمية حسب وجهة النظر الحكومية وبدون أن يستوعب الرأي العام المغزى الحقيقي لهذا الإجراء لذى يقسم انوكشوط إلى 3 ولايات مع ما تحمله التقسمة من تكاليف باهظة!

كما لوحظ التعامل مع أزمة السجن بتساهل (على غير العادة) وإن كان سببها تساهل من نوع آخر وهو عدم تطبيق القانون لصالح من أنتهت محكوميتهم، و لوحظ التعامل( أيضاعلى غير العا دة) بصفة خجولة مع عمال اسنيم وذلك بإرسال مستشار للتفاوض وإن لم يرْقَ التعامل مع الأزمة إلى المستوى المطلوب،ويرجح محللون أنهم لا يميلون لتصعيد الوضع الحالي لحاجة فى نفس يعقوب. 

وفى الوقت الذى تشرئب فيه الأعناق إلى الحوار، غاب السيد الرئيس عن مسرح الأحداث وبعد أن اجتمع مجلس الوزراء وقبل وقت إجتماعه الأسبوعي بيوم واحد، اتخذت فيهإ إجراآت تغييرية واسعة فى وزارة الداخلية وأعلن فيه عن تقسمة انواكشوط إلى3 مناطق أمنية! سافر الرئيس إلى وجهة غير محددة تنتهي برحلة إستشفائية ربما تطول حسب ما سرِّبَ، ممّا يطرح عند المراقبين أكثر من سؤال: هل كل الإجراآت الآنفة الذكر مما فيها طلب الحوارهي من أجل التهدئة وضمان الأمن والإستقرر حتى عودة الرئيس؟ أم هو إيهام بمرض الرئيس وعدم قدرته على إكمال مأموريته وبأن الحوار هو الطريق الوحيد لإنتقال السلطة لدفع المعارضة دفعا إلى الحوار؟، و فى نفس السياق يرى البعض أن الإعلان عن الإكتشاف المفاجئ لمخزون ضخم من النفط فى هذه الظرفية يدخل فى إطار إغراء المعارضة أن هناك آفاق واعدة وأن الأمور ليست بتلك السوداوية. 

وإن صحَّت التسريبات حول مرضه يكون الهدف من كل الإجراآت السابقة الذكر هي لإستقرارالحكم فى غيابه وشغل المعارضة فى الحوار، فإن استعاد قدرته الصحية فلن تكون نتائج الحوار عل مستوى التطلعات, أما إذا كانت حالة لرئيس لم تعد تسمح له بمزاولة نشاطاته يكون الهدف من الترتيبات المذكورة والحوار هو عدم الملاحقة.

سبت, 07/02/2015 - 14:02

          ​