حين تبكي الرحمة الرحماء...

في خريبة لا يملكها.. وعلى حصير من قصب يخزه.. بخيمة من قماش بال... وفي بقية ثوب أبلاه كر الجديدين.. وعلى نصف جسد هزيل أرهقه شلل النصف الآخر... يتكئ رجل أعجزه الوهن عن العمل.. ومنعته عزة النفس من التسول...

" جاري" أربعيني بوهن تسعيني.. يعيل أسرة من طفل لم يبلغ سن العمل... وامرأة قررت أن تهب نفسها لخدمة زوجها الذي أعياه الشلل... فتجعد وجهها.. وخارت قواها... حتى باتت بالكاد... تستطيع العمل... ورغم كل شيء... لم يفقد جاري الأمل...
ما زال يخرج إلى المسجد كلما نادى المنادي... رغم صعوبة الحركة... موزعا الابتسامات والتحيات على الجيران... راضيا بما قسمه الله له... وكأنه يحاضر دونما حديث... بما هو أبلغ من حراك اللسان...
ولأن النفس تواقة للأفضل... والمؤمن لا يموت لديه الأمل... فجاري ما زال ينتظر الفرج... عله يكون على يدك... أو على يد من قد يحرك لسانك يده... أو بدعائك له...
فهمت من حال جاري... أنني وغالبية زملاء المهنة قصرنا كثيرا في حق الضعفاء... لأننا أولينا الساسة جل وقتنا... وكلما ما نكتب... ونسينا أن لهؤلاء حق علينا.. أكثر من غيرهم...

 

بادو ولد محمد فال امصبوع

اثنين, 16/02/2015 - 08:58

          ​