تفاعل كبير مع اضراب يهدد اقتصاد موريتانيا

تعيش المدن المعدنية في شمال موريتانيا فترة استثنائية بسبب اضراب، هو الأكبر في تاريخ البلاد، أوقف أمس الجمعة تصدير الحديد، الثروة القومية الأهم في موريتانيا، وتوقفت بسببه الكثير من مظاهر حيوية الأسواق. وأصبح الاضراب يهدد الاقتصاد الموريتاني ومستقبل شركة الصناعة والمناجم، الأكبر في البلاد، بخسائر فادحة.

لكن اعتصامات العمال وحركاتهم الاحتجاجية تكشف عن وجه آخر للإضراب يحمل لمحات ادبية وشعرية وفنية، حيث ينظم العمال ونقاباتهم والداعمين لهم أنشطة احتجاجية ومهرجانات شعبية في قلب مدينة ازويرات، تتخللها فقرات تتميز بميلاد مواهب أدبية وخطابية من مختلف الأعمار.

ويحظى العمال بتعاطف كبيرا من قبل سكان مدينتي ازويرات، التي تستخرج منها خامات الحديد، ونواذيبو، حيث تصدر منها الخامات الى الخارج، حيث تقدم لهم تبرعات عينية من أكل وأفرشة، دعماً لأنشطتهم الاحتجاجية التي باتت تستقطب جل ساكنة المدينتين وليس فقط المعنيين بقضايا العمال. فطول أيام الاضراب وتطوّر أنشطته وتوسعها جعلها قبلة للجميع، وكل يبحث عن غايته من معرفة تطورات الاضراب والحوار مع الشركة، الى جديد السياسة، مرورا بحوارات العمال وحكايات المضربين وخوفهم من المخبرين وانتهاءً بقصائد الشعر والخطابات النارية والأغاني الحماسية.

وتثير كلمة إضراب في الذاكرة الجماعية لساكنة المدن المعدنية شجونا كثيرة وصورا تعبر عن كفاح طبقة العمال‏، وهي من أكبر الطبقات الاجتماعية في هذه المدن. وفي هذا السياق، يقول محمد أحمد ولد الغيلاني (من سكان ازويرات) لـ"العربية نت": "بدون وجود عمال شركة "اسنيم" لا حياة في مدن الشمال الموريتاني، فهم وقود المدن وشعلتها.. وهذا ما يفسر تعاطف الناس معهم"، ويضيف أن "الجميع يساندهم ويدعمهم، فلا بيت هنا إلا وفيه عامل في شركة المناجم".

ودخل إضراب عمال المناجم في الشركة الموريتانية "اسنيم" شهره الثاني، وسط تصعيد في لهجة العمال وتدخل الحكومة "المتأخر" لأول مرة في أزمة الاضراب، واصطفافها الى جانب إدارة الشركة التي رفضت الدخول في حوار مع العمال.

وانضم عمال فرع الشركة الصناعة والمناجم في مدينة نواذيبو أيضا للإضراب، بعد فشل مفاوضاتهم مع الشركة، ما أصاب الشركة الكبرى في البلاد بشلل شبه تام.

ويشرح عالي ولد سيدي أحمد من عمال المناجم المضربين أن الاضراب يأتي بعد تراجع الشركة عن اتفاق سابق بينها وبين العمال يقضي بزيادة رواتب العمال، غير أن الشركة رفضت تنفيذ بند زيادة الرواتب متعللة بصعوبات مالية وانهيار أسعار الحديد عالمياً.

ويشير الى أن تضامن مختلف التشكيلات المهنية والنقابية معهم إضافة الى إصحاب المهن الحرة وتقديمهم لمساعدات عينية ساعدهم على الاستمرار في الاضراب في وقت كان البعض يشكك في نواياهم ويحبط عزيمتهم.

ويعتبر أن تعنت الشركة وضغطها على العمال لإنهاء الإضراب والعودة للعمل كشرط لأي تفاوض، لا يعطي خيارات للحل، خاصة بعد أن قامت إدارة الشركة بفصل بعض قادة الإضراب.

وكانت شركة "اسنيم"، وهي أكبر مشغل في موريتانيا بعد الدولة، قد أصدرت بياناً اعترفت فيه بأنها لم تستطع تنفيذ بند زيادة الأجور، بسبب أزمة انهيار أسعار الحديد في السوق الدولية. وأكدت أنها تتبع سياسة تقشف صارمة.

العربية

سبت, 07/03/2015 - 09:11

          ​