الصكوك الاسلامية الأداة الفاعلة لسد عجز الموازنات

تُعتبر الصكوك من أهم الأدوات المالية العاملة في مجال سوق الأوراق المالية الإسلامية، وتشهد الآن سوق الصكوك الإسلامية تطورا مبهرا بسبب الأمان المالي والربحية التي يحققها هذا النوع من الأدوات المالية، كما انتشرت تجارة. الصكوك ليس فقط في البلدان العربية والإسلامية وإنما تعدتها إلى الغرب وخاصة إلى أوروبا، حيث أضحت هذه الأداة من أهم الأدوات المالية العاملة في مجال الاستثمار والتمويل هنالك .

قامت حكومة المملكة المتحدة ( بريطانيا ) بسد عجز موازنتها عن طريق الصكوك الاسلامية ، كما اعتمدت حكومة قطر على إصدار صكوك مضمونة بمشروعات، بإنشاء أداة خاصة هي شركة الصكوك القطرية العالمية ذات المسؤولية المحدودة التي حصلت على ملكية قطعة أرض سجلت باسم مدينة حمد الطبية، وإصدار شهادات ائتمان قائمة على الإجارة بقيمة 700 مليون دولار أمريكي.

و في أحدث تقرير صادر يوم 05/01/2015 م توقع الخبراء في قطاع الصيرفة الإسلامية أن تتجاوز قيمة السندات الإسلامية العالمية خلال العام 2015م 175 مليار دولار بارتفاع قياسي نسبته 59 في المائة عن العام 2014 حيث ساوت قيمتها 110 مليار دولار.

وأمام حُرمة الربا الصريح في السندات التقليدية بما فيها السندات الحكومية وخاصة سندات الخزينة ، فإن البديل الشرعي هو السندات الاسلامية القائمة على مشروع من المشروعات .

ولم يُحدد مجمع الفقه الاسلامي تعريفاً جامعاً مانعاً لهذه الصكوك، بعد أن أكد قراره على أنها البديل عن السندات المحرمة، ولكنه أورد صفاتها في قراره بشأن السندات بقوله: "من البدائل للسندات المحرمة ـ إصداراً أو شراءً أو تداولاً ـ السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً.:(1)

وبدل بيع الحكومات لأراضيها لرجال الأعمال أو القطاع الخاص يُمكنها الاحتفاظ بتلك الملكية وإقامة مشروعاتها المطلوب تمويلها عن طريق استصدار صكوك استثمارية قائمة على أصول عقارية ، ويتم إنشاء مشروع صكوك استثمارية تكون الدولة مشاركة فيها بقيمة الأرض بينما يتم جمع ماتبقى من أموال وسيولة عن طريق اكتتاب البنوك والشركات والخواص في باقي المبلغ المطلوب ، ثم يتم جمع تلك المبالغ باصدار صكوك متساوية القيمة ، وبعد إكمال الاكتتاب تبدأ الاجراءات التنفيذية لإقامة وتأسيس المشروع المطلوب حيث الأرض موجودة والسيولة موجودة ، ثم يتم تقاسم أرباح المشروع بعد ذلك ما بين حاملي الصكوك بما فيهم الحكومة التي لم تعد مالكة ملكا تاما للأرض ولكنها أصبحت مالكة لحصتين حصة من ملكية الأرض، وحصة من المبالغ المرصدة والمجموعة من قبل المكتتبين . وهكذا.

كما تُوفر الصكوك الاسلامية بسهولة وأمان تأمين حصول الدولة على طائرة جديدة من نوع الايرباص أو غيرها سواء بالشراء مباشرة أو بالايجار مثلا ، وكذلك توفر حصول الدولة على سفن تجارية للشحن عن طريق صكوك الاجارة .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما البديل الشرعي عن سندات الخزينة العامة ؟ والجواب هو في استصدار سندات السلم ، حيث اقترح الدكتور سامي حمود وهو باحث اقتصادي وخبير مجمع الفقه الاسلامي سندات السلم كبديل عن أذونات الخزينة التي لا تتجاوز عادة مدتها 90 يوماً، والتي تُصدرها الدُّول للتحكم في حَجم السيولة أو لتغطية عجز مؤقت في موازنة الدولة، كما أشار الدكتور سامي إلى إمكانية استعمال السلم في إنتاج قومي في العالم الإسلامي كالقمح أو البترول أو المطاط وإلى غير ذلك من المعادن.

وفي الأخير وليس آخرا نقول أن الرفاهية الاقتصادية هي في البركات في قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ).

 

 

 

(1) ـ قرار رقم 60( 11/6) بشأن السندات: مجلة المجمع العدد السادس ج2 ص 1273 والعدد السابع ج1 ص 73..

د محمد الأمين ولد عالي، خبير في الاقتصاد الاسلامي

أربعاء, 01/04/2015 - 10:55

          ​