اللغة و الإعلام في موريتانيا(جدلية القوة و الضعف):

بما أن اللغة هي الواجهة الحضارية لأمتنا ؛ تعكس فكرها ونضجها ، رقيـــــــها و ازدهارها ، كما تعكس ضعفها و ترهلها وانحطاطها ،

ينبغي أن تستخدم في أجمل صورها .. في نصاعتها و أصالتها ، في نضارتها و عذوبتها ؛ استخداما يواكب تطور ذوق الأجيال المعاصرة ويسمو بالذائقة العامة علوا وارتقاء ، وذلك بالمواءمة بين استعمالات اللغة في عصورها الذهبية و بين الحاجيات العصرية للمستجدات الحضارية ، فلم يعد من المستساغ ذوقا أن يقف معلق رياضي على إحدى قنواتنا الفضائية كما شاهدناه جميعا و يقول : ( انظروا إلى الكرة بين أرجلهم كأنها لقمة يتقاذفونها بينهم ) فهذا انحطاط مقيت وازدراء بالقيم وضعف وإسفاف في اللغة و عدم تقدير لما يترتب على هذا النوع من التراكيب الأسلوبية من مفاهيم تتسلل في غفلة من المتكلم إلى العامة لا يقرها عرف و لا دين ، إذ ليس بإمكان المستمع / المشاهد تأمل الجملة الإعلامية لحظة التلفظ بها ضمن الإرسالية اللغوية المتتابعة ، هذا فضلا عن بعض نشرات الأخبار المقززة كأن لم يكن وراءها تدقيق لغوي و لا تحرير أسلوبي (فهل أصبح السفح ملعبا للنسور) وهل أصبحت أمتنا العربية الشنقيطية غير قادرة على القول بلسانها العربي الأصيل في قوته و جزالته بلاغة و تركيبا كما عرفت به في المشرق و المغرب أم أن هذه الفوضى الإعلامية سترسم لها وجها آخر مضببا يتراءى في دخان من اللحن و العجمة والإسفاف ، مما يشكل خطرا على الهوية شكلا و مضمونا ويبعد الجيل المعاصر عن تذوق لغته واكتشاف أبعادها الجمالية والاعتزاز بها ، وهو ما يؤدي إلى الارتماء في أحضان لغات أمم أخرى لا نفكر بلغاتها مهما بلغنا من إتقانها و لن نتحصل على ملكتها مهما نحتنا من صخورها، غير أنه من غير المنصف تعميم هذا الوصف على جميع الإعلاميين المحليين ، فهناك كوكبة من الإعلاميين الموريتانيين أثبتت جدارتها محليا و عالميا وقدمت نماذج رائعة للخطاب الإعلامي ، إن على المستوى الوطني أو المستوى العربي و العالمي وإن كانوا ما زالوا قلة فلهم منا كامل الشكر و التقدير.

بقلم : د.محمد الأمين ولد  محمد

جمعة, 24/04/2015 - 09:30

          ​