ولد الهيبه: "حملة الصحافة الجزائرية ضد موريتانيا وشعبها دليل على عدم استقلايتها"

استغرب محمد سالم ولد الهيبه، رئيس مجموعة "أتلانتيك ميديا" الإعلامية الموريتانية المستقلة، الحملة الإعلامية الشعواء التي أطلقتها الصحافة الجزائرية مؤخرا ضد موريتانيا وقيادتها وشعبها؛ خاصة تركيزها على احتقار الموريتانيين ووصفهم بأبشع النعوت..

 

وقال ولد الهيبه إن هذه الحملة برهان ساطع على أن الصحافة في الجزائر غير مستقلة ولا مهنية؛ بل تأتمر بأوامر عسكرية مباشرة لا تتردد في تنفيذها على الفور؛ حيث تم استنفارها وتجييشها بطريقة عسكرية فورية ضد موريتانيا؛ بعيدا عن التناول الإعلامي المهني الذي يقتضي البحث في أبعاد وخلفيات الأحداث وردود الفعل المترتبة عليها..

 

وأضاف ولد الهيبه أن وحدة الخط التحريري لجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إلى حد التطابق، تعكس حقيقة كونها مجرد أبواق ببغاوية لدوائر الأمن وأجهزة المخابرات العسكرية في هذا البلد؛ مبرزا أن الظهور الفوري والمتزامن لفئة معينة من الأشخاص عبر شاشات تلك القنوات التلفزيونية وأثير المحطات الإذاعية وأعمدة الصحف الجزائرية، من أجل كيل الشتائم  لبلد شقيق مجاور، قيادة وشعبا وتاريخا؛ تحت يافطات مختلفة من قبيل: "محلل سياسي"، أو "خبير إستراتيجي"، أو "مهتم بالشأن الإقليمي"، إلخ...؛ يثبت ـ بجلاء ـ أن تلك الدوائر والأجهزة الاستخباراتية والعسكرية هي التي تدير وتوجه الإعلام الجزائري المغلوب على أمره.

 

وقال رئيس مجموعة "أتلانتيك ميديا" إن الصحافة الموريتانية؛ على عكس نظيرتها الجزائرية، تعاملت مع قرار السلطات الموريتانية طرد دبلوماسي جزائري من زاوية مهنية بحته؛ كونه حدثا ومادة إخبارية بحتة، حيث أبقته في سياقه الطبيعي باعتباره قرارا سياديا تم بناء على معطيات وتحليلات تبقى موريتانيا أدرى بها؛ تماما كتعاملها مع الرد الجزائري بطرد دبلوماسي موريتاني من أراضيها؛ مبينا أن  هذا الفرق في التعاطي الإعلامي مع الأحداث يعكس الفجوة العميقة بين إعلام مستقل مثل الإعلام الموريتاني، وبين إعلام ببغاوي ينعق بما يمليه عليه مسيروه والقائمون الحقيقيون عليه داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية.. وهذا ـ يضيف ولد الهيبه ـ  هو ما جعلنا نشهد حملة من الشتائم والإهانة في وسائل الإعلام الجزائرية طالت رئيس موريتانيا وكل فرد من أفراد شعبها، واستهدفت كرامة وشرف الشعب الموريتاني بأسره؛ بينما لم يصدر عن وسيلة إعلام موريتانية واحدة؛ لا موالية ولا معارضة، أي حرف يسيء للجزائر أو شعبها أو قيادتها، الأمر الذي يكفي دليلا على استقلالية ومهنية الإعلام الموريتاني وعدم تبعيته للسلطة أو لأي من دوائرها أو أجهزتها المختلفة.. وهذا ـ بالتحديد ـ هو ما جعل موريتانيا تتربع، للعام الخامس على التوالي ـ في صدارة ترتيب الدول العربية من حيث حرية الصحافة؛ وهو ما قد يجعلها اليوم هدفا لهذا النوع من الحملات الدعائية المغرضة والحروب الإعلامية القذرة من بعض الجهات التي ما يزال مفهوم الإعلام فيها حبيس قوالب الأحكام الأحادية ومرحلة ما قبل نهاية الثلث الأخير من القرن العشرين؛ على الرغم من انهيار جدار برلين، وتفكك الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي، وطغيان ثورة المعلومات، وامتلاك الشعوب ناصية تقنيات الإعلام والاتصال الجديدة؛ حسب تعبيره.

 

وحول ما تروج له بعض الصحف الجزائرية من تأثر موريتانيا جراء ما تسميه تهريب المخدرات عبر حدودها الشمالية الغربية مع المملكة المغربية؛ سخر ولد الهيبه من هذا الطرح الذي وصفه بالساذج؛ مؤكدا أن ما يمر عبر تلك الحدود هو بالدرجة الأولى أطنان من المواد الغذائية من قبيل الفواكه والخضروات، وكميات من البضائع والمستلزمات الأخرى والسيارات، مما ينعش السوق الموريتانية ويساهم في تثبيت الأسعار وضمان التوازن الضروري بين العرض والطلب؛ بينما يشكل الشريط الحدودي الشمالي والشمالي الشرقي من الحدود الموريتانية مصدر تهديد وخطرا على أمن موريتانيا واستقرارها وسلامة مواطنيها؛ خاصة أن تلك المنطقة الحدودية المتاخمة للأراضي الجزائرية تضم شريطا سائبا تركته السلطات الجزائرية ليكون مرتعا تسرح فيه الجماعات المسلحة الإرهابية وعصابات تهريب المخدرات والسلاح والهجرة غير الشرعية؛ وشتى أنواع الجريمة العابرة للحدود؛ وسط صمت مطبق ولا مبالاة متعمدة من قبل هذه الدولة الجارة الشقيقة؛ إلى جانب إغراق المناطق الشمالية من موريتانيا بمختلف أنواع البضائع منتهية الصلاحية والممنوعات المختلفة.. الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام حول حقيقة وأهداف تلك الجماعات الإرهابية وعصابات التهريب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وحول الجهة؛ أو الجهات، التي ترعاها وتوفر لها الحماية والإسناد..

 

واعتبر ولد الهيبه أن عشرات الجنود الموريتانيين تم ذبحهم بدم بارد في لمغيطي وتورين والغلاوية في مناطق محاذية للحدود الجزائرية التي لا تستطيع حشرة اختراقها دون علم السلطات الجزائرية أو بمباركة منها؛ مضيفا أن الجيش الموريتاني اعتقل، عام 2013، عصابة مسلحة من مهربي المخدرات والمحروقات تحت حماية قافلة تابعة لإحدى الجماعات الإرهابية الناشطة بين شمال مالي وجنوب ـ شرق الجزائر؛ وذلك في منطقة قريبة من عين بنتيلي، بعيدا عن الحدود مع المغرب؛ مضيفا أن السلطات الجزائرية سارعت، غداة الإطاحة بالرئيس الموريتاني السابق، سيدي ولد الشيخ عبد الله، إلى احتضان بعض السياسيين الموريتانيين الأكثر معارضة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، في خطوة تنسف طرحها القائل بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؛ وتنافي مبادئ العلاقات الدولية القائمة على احترام حرية خيارات الشعوب..

 

وأوضح ولد الهيبه أن الشعب الجزائري شعب شقيق وشعب أبي يكن له الموريتانيون كل المحبة والتقدير، مثلما يكن لهم نفس المشاعر؛ معتبرا أنه لا يمكن لمن أسماهم "ثلة صحافة الاوامر العسكرية" الخاضعين لإملاءات بعض قادة المؤسسة العسكرية في الجزائر أن يزعزعوا تلك الروابط الاخوية الضاربة في جذور التاريخ والدين والدم واللغة والحضارة..

 

وأهاب بكافة الإعلاميين الموريتانيين، أن يقفوا بحزم وصلابة في وجه الدعاية المغرضة التي تستهدف وطنهم وكرامة شعبهم، أيا كان مصدرها؛ بصرف النظر عن طبيعة السلطة الحاكمة وتوجهاتها ومواقفها السياسية؛ مثمنا موقف جمهورية السنغال، الجارة الشقيقة، الذي عكس مستوى وعي هذا البلد ونضج ديمقراطيته وحرصه على احترام العلاقات العريقة بينه وبين موريتانيا، وتمسكه بمبدأ السيادة الوطنية للدول الأخرى، عندما سارعت للتحقيق مع مجموعة ممن يحسبون أنفسهم موريتانيين، حاولوا عقد مؤتمر على أراضيها لبحث ومناقشة شأن موريتاني داخلي، وأوقفت تلك التظاهرة؛ مبرزا أن ذلك الموقف عكس ـ بجلاء ـ الفرق الشاسع بين أنظمة الحكم الديمقراطية الناضجة وغيرها..

اثنين, 04/05/2015 - 08:26

          ​