موريتانيا والرأس المال البشري: أرقام ضعيفة ..وكفاءات مهمشة أو مهجرة

تعاني موريتانيا من ضعف كبير في مؤشرات رأس المال البشري انعكس سلبا على أداء البلاد في مختلف المجالات وجعلها تحتل مكانا قصيا في مستوىات التنمية حتى بالمقارنة مع أقرب جيرانها.
وتعود أسباب هذه الوضعية الخطيرة إلى عوامل كثيرة م أهمها ضعف التعليم وغياب المواءمة بينه وسوق الشغل ولغة الإدارة وضعف الخدمات المتعلقة بالصحة وعدم الاهتمام بالمواهب وتوفير الظروف المناسبة لها.بل وتهميش كبير لأصحاب الشهادات المختلفة خاصة في الفترة مابين 1985 إلى 2009 حيث تم غلق كل الاكتتابات الرسمية تقريبا.وضعف أداء الوظيفة العمومية قبل 2009 وفوضى القطاع الخاص وضعف تطبيق قوانين الشغل.

كما أن ضعف الاستثمار في تلك القطاعات مقارنة بعمر الدولة الموريتانية وتطور مواردها الاقتصادية واضح للجميع.
وقد ساهمت كل تلك العوامل مجتمعة في طرد الكفاءات ولجوئها في النهاية للهجرة إلى الخارج،كما هاجر البعض منها بحثا عن ظروف عمل وامتيازات أفضل من ما توفره البلاد،ناهيك عن شلل تام في التكوين وشبه غياب للتكوين خاصة المهني والدراسة النظرية للمواد العلمية.
في التحقيق التالي نتعرف على سلبيات ضعف مؤشرات رأس المال البشري بموريتانيا وأهم الحلول المقترحة.

ما هو رأس المال البشري وما هي أهميته؟

ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻹﻨﻤﺎﺌﻲ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺒﺄﻨﻪ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺯﻴـﺩ ﻤـﻥ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴـﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻤﻭﻅﻔﻴﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺘﺴﺒﻭﻨﻬﺎ ﺃﻱ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﺨﺒرات وله دور كبير في عملية الإنتاج أكثر حتى من رأس المالي المادي.  
وﻴﻌﺩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ الإنتاجية ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﻟﻜﻥ ﻟﻥ ﻴﺅﺩﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺩﻭﺭﻩ ﺩﻭﻥ ﺘﻌﻠﻴﻡ، ﺤﻴﺙ ﻴﺴﻬﻡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸـﺭﻱ. ﻭﺘﺸـﻴﺭ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﻤﻌﺩل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻁﻭﻴل ﺍﻷﺠل، ﻭﻴزيد ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﺴﺭﻋﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺃﺤﺴﻥ ﺘﻌﻠﻴﻤﺎﹰ، ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻴﺴاهم في التقدم التقني وبالتالي في رفع مستوى التنمية وهو مصدر من مصادرها الأساسية.
ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺃﺜﺭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ  ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﻴﻥ ﺃﺠﻭﺭ ﺍﻷﺸـﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤـﻴﻥ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺯﻤﻥ، ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﺌﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ .  
ﻜﻤﺎ ﻴﺅﺜﺭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺒﺸﻜل ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻓﻘﺩ ﺃﺜﺒتت ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬل ﻴﺅﺜﺭﺍﻥ ﺘ ﺄ ﺜ ﻴ كبيرا ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﺔ، ﻭﺒﺸﻜل ﻋـﺎﻡ وﻴﺴﺎﻫﻡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻭﺘﻁﻭﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﻤﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴـﺔ ﻭﺴـﻌﺔ
ﺍﻻﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺭﻓﻊ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ.
ويعتبر التعليم ومستوى الشهادات والتدريبات المهنية عاملا حاسما في اكتساب رأس المال البشري وبالتأكيد يبقى مستوى التعليم ومؤسسات العمل الإدارية والإنتاج وغيرها ومدى توفرها على المعايير العالمية صمام أمان هام في توفير رأس مال بشري فعال.

إحصاءات هامة
ذ
عدد حملة الشهادات من الاعدادية الى الدكتورا بموريتانيا حوالي 100 ألف شخص
القوى النشطة 841  ألإ منها 50 ألف لديهم شهادا عليا
التسرب المدرسي 33 بالمئة في الابتدائي و40 بالمئة في الثانوي
نسبة النجاح في الباكلوريا 9بالمئة
الإدارة العاملون بها  22 بالمئة من القوى العاملة
موريتانيا في مؤشر الرأسمال  البشري في الرتبة 122 من أصل 124 دولة
موريتانيا في التنمية البشرية في الرتبة 161
نسبة الفقر  42بالمئة
الناتج القومي للفرد1100 دولار سنويا
نسبة النمو8.6%%
نسبة التضخم 4.7%
ميزانية التعليم 67 مليار أوقية
ميزانية الصحة20 مليارأوقية
الدخل من المناجم 105 مليار
الدخل من قطاع الصيد 110 مليار
احتياطي الخزينة 1مليار أوقية
نسبة الأمية 42%
نسبة البطالة (30.9) منظمة العمل الدولية
نسبة البطالة 10.5%(رسميا)
نسبة البطالة 7% البنك الدولي
موريتانيا في الشفافية 124
نسبة البطالة (30.9) منظمة العمل الدولية
نسبة البطالة 10.5%(رسميا)
نسبة البطالة 7% البنك الدولي
ومن خلال هذه الإحصائيات تتضح المفارقة في كثرة الموارد الاقتصادية وضعف المؤشرات المتعلقة بالاستثمار في الرأسمال البشري خاصة في قطاعي الصحة والتعليم وارتفاع معدل البطالة وضعف موريتانيا في تقارير التنمية بصفة عامة
الخبراء .. يدقون ناقوس الخطر

أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر الرأسمال البشري على المستوى الدولي، حيث قدم المنتدى نصائح للدول من خلال تقريره الذي اشتمل على المعايير التي اعتمدها في ترتيب الدولي
واحتلت موريتانيا المرتبة قبل الأخيرة ضمن المؤشر متفوقة على اليمن التي حلت أخيرة في الترتيب.,
وقال المنتدى إن الهدف من إطلاق هذا المؤشر وإقحام مؤشر التنمية البشرية ضمن المعايير المحددة لترتيب الدول، هو تقييم الاستثمارات التي قامت بها الدول أو التي ستقوم بها لتأهيل رأسمالها البشري ودعم المواهب التي في حاجة لفرصة لإثبات قدراتها، وهذا التقييم هو الذي سيمكن من معرفة مستقبل اقتصاد أي بلد" حسب القائمين على المؤشر".
وأكد أن الاستثمار في الرأسمال البشري يتم عبر توفير مستوى تعليمي جيد للمواطنين، وتوفير خدمات صحية في المستوى وتقديمها لجميع المواطنين بشكل متساوي، بالإضافة إلى توفير الظروف الضرورية لنجاح المواهب .
ونبه المنتدى الاقتصادي العالمي الدول التي لا تستثمر في الرأسمال البشري بالمستوى الكافي كما هو الحال بالنسبة المغرب، إلى أنها "تضيع فرصة تحقيق نمو اقتصادي مهم"، مضيفا بأن الاستثمار الجيد في الرأسمال البشري المتوفر للمملكة يمكن من رفع من الناتج الداخلي الخام بنسبة 20 في المائة.
وشدد المنتدى الاقتصادي العالمي على أن الرأسمال البشري والمواهب التي يتوفر عليها أي بلد "هي مفاتيح الابتكار والتنافسية والتنمية خلال القرن 21"، متوعدا الدول التي لا تستثمر في رأسمالها البشري بأنها "لن تجد لها مكانا في خانة المجتمعات المتطورة.

حلول... واقتراحات

سألنا أحد خبراء التمنية البشرية بموريتانيا التي تعنى بهذا الموضوع عن العوائق التي تسببها لموريتانيا هذه المرتبة المتأخرة فقال إن ضعف الرأس المال البشري يعد أكبر عائق في التنمية لدى كثير من الدول في تحقيق التنمية وتظهر سلبياته في موريتانيا من خلال ضعف الإدارة  بصورة عامة وهجرة الكفاءات ونقص الخبرة لدى الكثير من الموظفين وغياب الإنتاج الصناعي والمهني وتسيير الموارد الاقتصادية بفعالية وواصل ضعف القطاعات الخدمية الأساسية إلى أن تتلاشى وسوء سمعة الدولة في الداخل والخارج بفعل تدهور كل القطاعات الإنتاجية والخدمية وشيوع ظواهر سيئة كالرشوة والزبونية واستغلال المرافق العامة وطغيان المحسوبية .
وكحل للقضاء على هذه الظاهرة أكد الخبير أنه يجب أن تعتمد سياسة جديدة في التعليم تعتمد على الكيف وتولي وقتا وجهدا للتطبيق والتدريبات في كل القطاعات،كما يجب أن يخضع العمال والموظفون لتكوينا بشكل دوري لتجديد معارفهم ،مع ضرورة توفير الصحة والنقل والظروف الملائمة الأخرى لتكوين كفاءات عالية واعتماد المسابقات معايير تهتم بعصرنة الرأسمال البشري وامتلاكه للشهادات ولكن مع الخبرات التطبيقية .
ونوه في الأخير بضرورة الاستثمار في القطاعات التي نتج الرأسمال البشري كالتعليم والتكوين المهني والصحة وإغراء الكفاءات الموريتانية المقيمة بالخارج للعودة إلى الوطن والاستفادة منها كرأس مال بشري جاهز ولا غبار عليه وتشجيع المواهب والابتكار خاصة لدى الشباب ورعايته.

انباء اطلس

 
سبت, 23/05/2015 - 12:20

          ​