البرازيل ستخوض أصعب بطولة فى تاريخها

منذ أن وصلت إلى البرازيل..عدت بالذاكرة 8 سنوات عندما استضافت مصر بطولة الأمم الأفريقية 2006، والتى استطعنا حصدها بفضل مساندة الجماهير والمسؤولين فى الدولة وقتها، واللاعبين والجهاز المعاون لى.. نفس الأجواء التى عشتها مع أبناء وطنى أشاهدها هذه الأيام مع مشجعى السامبا.. فهم يتنفسون كرة القدم، يحلمون باللقب على أرضهم.. وسمعت أحاديث بعض المشجعين عن يوم التتويج، وحصد اللقب، ولا يشعر أحد بما يفكرون فيه أو يحلمون به إلا من خاض هذه التجربة، واعتلى منصات التتويج أكثر من مرة، ولكن الفارق بين لقب وآخر هو أن تحصد البطولة وسط جماهيرك وأبناء وطنك، وأن تحصده خارجه، كلاهما له مذاق خاص، فالبطولة التى تحصدها داخل أرضك ووسط جماهيرك يكون لها طابع خاص وهى أن ترى وتسمع أفراح الجماهير فور تتويج الفريق.. تشعر وقتها أن المولى عز وجل جعلك أنت وزملاءك من الجهاز الفنى واللاعبين سبباً لإسعاد الملايين، وهو أمر لا يقدر بأغلى ثمن، ولا يعرفه إلا من وصل إليه، أما البطولة خارج أرضك فيكون لها معنى آخر، وهى الحفاظ على مكانة بلدك فى أعلى منصات التتويج. أنقل إليكم ما يشعر به أبناء السامبا.. وهو أمر سبق أن عاشته مصر على المستوى الأفريقى فى 2006، وأحلم أن يتحقق على المستوى العالمى، فكلما نظرت إلى مشجع برازيلى وجدت فى عينيه الأمل والانتظار والترقب والوصول إلى منصات التتويج، فالجميع هنا ينتظر يوم نهائى كأس العالم عندما يصعد نيمار ورفاقه ومعهم سكولارى، بل إن الشوارع امتلأت بصور نجوم السامبا، ولا يسير مواطن برازيلى إلا وهو يرتدى تى شيرت منتخب بلاده أو رافعاً صور سكولارى.. كل شىء مسخَّر لخدمة المنتخب البرازيلى فى مواجهة أقوى وأعتى نجوم العالم سواء كان ميسى ورفاقه فى الأرجنتين.. أو كريستيانو رونالدو مع البرتغال أو إنيستا مع إسبانيا، أو حتى نوير وأوزيل مع الماكينات الألمانية.

 

 

أجد كل ما أراه حالياً، سواء من جماهير السامبا أو المسؤولين فى البرازيل، «سلاحاً ذا حدين» على الفريق، سواء الجهاز الفنى بقيادة سكولارى، والذى سأتحدث عنه لاحقاً لأننى خضت هذه التجربة داخل القارة السمراء، وأعذر اللاعبين لما يتعرضون له من ضغوط كبيرة على المستوى الشعبى أو الدولة، فـ«نيمار» ورفاقه يفكرون الآن فى ضرورة تحقيق الفوز فى كل مباراة حتى لا يكونوا سبباً فى إصابة جماهيرهم بالحزن، وهو أمر يكون من الصعب على الفريق الذى يلعب داخل أرضه، فكيف يحول سكولارى واللاعبون سلاح الأرض والجمهور من خطر يهدد حلم اللقب إلى حافز ودافع للاعبين نحو التتويج.

لا أعطى أحداً نصائح، لكننى أنقل فقط تجربة مهمة خاضتها الكرة المصرية والشعب المصرى إلى دولة يعشقها الجميع ويشجعها عشاق الساحرة المستديرة ويتمنى لها التوفيق، فهم جبابرة الكرة فى العالم، ورغم تطور الكرة فى أوروبا وظهور لاعبين مميزين حصدوا لقب أفضل لاعب فى العالم فى الفترة الأخيرة على رأسهم البرتغالى رونالدو- تبقى الكرة البرازيلية لها طابع ومذاق خاص، وتجبرنا على احترامهم وتجعلهم الأفضل والمرشحين بقوة لحصد اللقب، مع الوضع فى الاعتبار أن كرة القدم يحدث فيها كل شىء، لكننى أتحدث عن المنطق فى كرة القدم، والدولة التى لا تنضب من المواهب، والتى تعتمد فى جزء من اقتصادها على كرة القدم وعلى صناعة النجوم.. والسؤال الذى يفرض نفسه: كيف يتخلص سكولارى من الضغط الجماهيرى ويحوله إلى ضغط على المنافسين وليس على لاعبى السامبا؟

 

أولاً: لابد أن يتولى الجهاز الفنى بقيادة سكولارى تهيئة اللاعبين نفسياً، وهو أمر يتعلق باختياره مجموعة اللاعبين الذين سيخوضون البطولة بصفة عامة، والمباريات على وجه الخصوص، فلا يجوز أن يضم لاعباً متمرداً، أو آخر ليس لديه المسؤولية أو الحس الوطنى، فكنت أؤكد للاعبين فى أمم أفريقيا أنهم جنود يدافعون عن وطنهم، ووصل الأمر إلى أن شبهت الكأس بالزوجة، واجتمعت بهم قبل إحدى المباريات فى أمم أفريقيا وقلت لهم: هل تقبل أن تفرط فى زوجتك؟! فالكأس مثلها، وهو ما جعلهم يأكلون «النجيل» حتى حصدنا البطولات الثلاث.

 

ثانياً: إن ضربة البداية سيكون لها تأثير قوى على المنتخب البرازيلى، فمواجهة المنتخب الكرواتى فى مباراة الافتتاح ليست سهلة، فهم يتمتعون بالقوة والسرعة والأداء الجماعى، بينما يتعرض لاعبو السامبا لضغط جماهيرى منذ صافرة انطلاق المباراة، ومن ثم فإن الأمر يتطلب نتيجة طيبة وعرضاً قوياً، ليس فقط للتأكيد على أنهم أسياد الكرة فى العالم، وإنما لبث الرهبة والرعبة فى بقية المنافسين سواء كانوا فى نفس المجموعة أو بقية المنتخبات المشاركة فى البطولة.

 

ثالثاً: إن أحد عوامل نجاح أى منظومة هو الأداء الجماعى والالتزام الأخلاقى، فأذكر أننا خلال البطولات الثلاث كان أبوتريكة وأحمد حسن ووائل جمعة وعماد متعب لهم دور كبير فى حث زملائهم على الفوز وعدم الرهبة ولم شمل اللاعبين سواء بالجلسات الدينية تارة أو بالجلسات الترفيهية تارة أخرى، فأى بطولة حصدها المنتخب الوطنى كان الأداء الجماعى هو السبب الرئيسى وحالة الود والألفة بين اللاعبين وعلاقة المديرالفنى بجهازه المعاون، فضلاً عن مساندة اتحاد الكرة، وهو أمر يجب أن يتوفر داخل أى فريق يبحث عن البطولة أو اللقب سواء كان نادياً أو منتخباً.

 

الأمر فى البرازيل قد يبدو صعباً وسهلاً فى ذات الوقت، فهم سيواجهون منتخبات قوية لا يستهان بها وهم يعلمون ذلك، وانشغلوا بنجوم الكرة فى العالم الذين أصبحوا على أرضهم، فهل سيكون الأرض والجماهير نقمة على السامبا أم يكونان بداية انطلاقة للبطولات مثلما حدث مع منتخبنا فى 2006.

 

شعرت بالفخر خلال تكريم الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» لى أمس الأول تقديراً لما قدمتُه للمنتخب الوطنى، وأود أن أتوجه بالشكر لكل أعضاء الجهاز المعاون الذين عملوا معى، فقد كانوا شركاء النجاح، وكذلك اللاعبون واتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر، وأؤكد أن هذا التكريم ليس شخصياً لى وإنما هو تكريم لكل المصريين وتأكيد على أننا قادرون على تحقيق البطولات وصناعة المعجزات إذا توافرت الجهود وخلصت النوايا وكان الجميع على قدر المسؤولية ووضعوا رفع اسم مصر أمام أعينهم.

خميس, 12/06/2014 - 08:36

          ​