الرابح والخاسر في انتخابات موريتانيا

أسدل الستار على الانتخابات الرئاسية الموريتانية بفوز مريح، مدّد حكم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خمس سنوات إضافية في ولاية ثانية وأخيرة. وتركت الانتخابات والحملة التي سبقتها أسئلة كثيرة...

 

 

وملفات مفتوحة حول علاقة الرئيس بخصومه السياسيين وتغير ولاء بعض المناطق وأسباب عزوف الموريتانيين المولعين بالسياسة عن المشاركة بالانتخابات. كما أثرت هذه الانتخابات على شكل الخريطة السياسية بعد أن عصفت الخلافات المحلية بالتوازنات القائمة، أما التهديدات والاتهامات المتبادلة بين المشاركين والمعارضين فقد عمقت الخلاف بين النظام والمعارضة.

وحقق ولد عبد العزيز في هذه الانتخابات رقما قياسيا لم تعرفه الانتخابات الموريتانية منذ عقود، حيث فاز بنسبة 81.89 في المائة، وهي نسبة تؤكد شعبيته بعد نسبة 52 في المائة التي حققها في انتخابات 2009. ورغم ضعف المنافسين فإن عدد الذين اختاروا الرئيس يبلغ نصف مليون ناخب، بينما عدد الناخبين 1.3 مليون ناخب.

بيرام زعيم جديد

حملت الانتخابات الرئاسية زعيما جديدا للزنوج، بعد أن حصل الناشط الحقوقي بيرام ولد اعبيدي على المركز الثاني بـ 8.6 في المائة، وهي نسبة توازي مجموع ما حصل عليه الزعيمان الزنجيان بيجل ولد هميد وابراهيما مختار صار، مما يضع علامات استفهام حول مستقبلهما في زعامة الزنوج الذين يتطلعون لضخ دماء جديدة تحقق أحلامهم في مجتمع لاتزال تتحكم فيه التراتبية الاجتماعية.

وتفوق الرئيس محمد ولد عبد العزيز في جميع المناطق، حتى في معاقل المرشحين معه، وكان تفوقه كبيرا في المناطق التي تسكنها شريحة "البيظان" (العرب البيض)، بينما كان تفوقه متوسطا في مناطق الزنوج، وظل الفارق بينه وبين بقية المرشحين شاسعا، واستطاع أقرب منافسيه بيرام ولد اعبيدي الاقتراب من النتيجة التي حققها ولد عبد العزيز في مقاطعة السبخة، حيث كان الفارق بينهما 300 صوت فقط.

تدني المشاركة سلاح لإضعاف الفائز

وتعتبر نسبة المشاركة في هذه الانتخابات أدنى نسبة مشاركة تعرفها الانتخابات الرئاسية منذ التعددية السياسية، ويعزو المراقبون تسجيل نسبة 56 في المائة إلى دعوة المعارضة لمقاطعة الانتخابات وعزوف الناخبين المحايدين عن متابعتها بسبب ضعف المنافسة في انتخابات شبه محسومة.

ويقول الباحث السياسي محمد محمود ولد محفوظ إن نسبة المشاركة كان يمكن أن تكون أدنى مما هي عليه لولا حملة "بيت بيت" التي أطلقها أنصار النظام لتشجيع المشاركة في العملية الانتخابية، إضافة إلى عدم مواصلة المعارضة جهودها في حث الناخبين على مقاطعة الانتخابات.

ويضيف "النظام كان يعرف أن المنافسة ليست مع المرشحين، بل مع المقاطعين، لذلك فالأنصار كانوا يدعون إلى التصويت والمشاركة في الانتخابات أكثر مما كانوا يروجون لبرنامج ولد عبد العزيز.. فخطة المعارضة كانت واضحة بالنسبة إليهم وتتلخص في إقناع الناخبين بعدم جدوائية الانتخابات لإضعاف شرعية الفائز وإجبار النظام على إعادتها وفق شروط معينة".

صراع قطبين

ويشير الباحث إلى أن نتائج الانتخابية غيرت الخارطة الانتخابية في عدد من المناطق، حيث لوحظ أن الثقل الانتخابي لبعض أحزاب المعارضة تأثر بالضغوط والإغراءات التي مارسها أنصار النظام لتحفيز الناخبين، ويضيف "سجلت نسبة المشاركة ارتفاعا في مناطق محسوبة على المعارضة، وحقق ولد عبد العزيز في بعض المعاقل الرئيسية للمعارضة نجاحا كبيرا مثل مقاطعة الميناء وواد الناقة ومدينتي سيليبابي وألاك".

ويعتبر الباحث أن أسوأ ما نتج عن هذه الانتخابات هو التراشق الإعلامي والحرب الكلامية بين الرئيس والمعارضة، والذي وصل إلى حد الاتهام المباشر بالفساد والإجرام وبألفاظ بذيئة وتهديد بالمحاكمة وسوء الخاتمة، مما سيؤثر سلباً على مستقبل بلاد متأرجحة بين قطبين أثبتت التجارب أنهما يتقاسمان الساحة السياسية.

أما أفضل ما في الانتخابات، فهو حسب رأي الباحث الوعود التي أطلقها الفائز بالانتخابات بزيادة الرواتب 50 في المائة وتقليص نسبة الفقر والإقلاع الاقتصادي، إضافة إلى الوعود البراقة التي وعد بها الشباب.

العربية

ثلاثاء, 24/06/2014 - 11:14

          ​