حديث عن أزمة متوهمة / محمد محفوظ المختار

أثناء مطالعتي لمضمون البيان الصادر عن الأحزاب السياسية التي نظمت اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة نواكشوط وما حمله من تهافت ومراهقة سياسية عبر حديث عن أزمات سياسية مستفحلة واستهداف عرقي مستحكم وإقصاء لوني متجذر توارد إلى ذهني تعريف قرأته في سالف الزمن لمرض نفسي يسمى الوهم، والذي يصنف باعتباره "عدم قدرة الفرد على التمييز بين الواقع وما يتخيله من أفكار واعتقادات يصر على وجودها ويحرص على تمثلها رغم أنها غير صحيحة أو غير واقعية".

لا أصم من تصدر ذلك المؤتمر الصحفي بهذا المرض ولا أتمناه له رغم الأعراض الماثلة، غير أنني لم أجد ما يقنعني بوجود أي مظهر من مظاهر الأزمة سياسية في البلد.

الأحزاب السياسية تمارس نشاطها الطبيعي في جو من الحرية عز نظيره، والتشاور معها حول مجمل القضايا الوطنية عبر لقاءات قيادة تلك الأحزاب مع فخامة رئيس الجمهورية يتم بشكل شبه منتظم، والهيئات الدستورية اكتملت عبر تصويت البرلمان بالإجماع على تشكيل محكمة العدل السامية، وهناك فصل عام بين السلطات تتمايز فيه كل سلطة باختصاصاتها وتقوم بدورها دون أي تغول أو تدخل من أي سلطة أخرى. ومنظمات المجتمع المدني الجادة تمخر عباب الواقع عبر أنشطتها التي تتم على مرأى ومسمع من الجميع. والحريات تم تعضيدها بفتح المجال واسعا أمام إنشاء الجمعيات الثقافية والتنموية إذ تم تخفيف القيود على إنشاءها عبر الاكتفاء بإشعار تقدمه للسلطات المختصة عبر شباك موحد حتى تمارس عملها في أجواء قانونية صحية.

هذا في ما يخص الشأن السياسي أما ما يتعلق بالشق الحقوقي فقد خاب سعي الأحزاب السياسية عبر ترويجها للغبن الاجتماعي إذ أن شواهد الواقع تؤكد أن الطبقات الضعيفة لم تجد من الأهمية والعناية ما وجدته في هذه الحقبة، إذ تم التكفل بمن يعاني منها أمراضا مزمنة مثل أمراض القلب والكلى عبر تخفيف أعباء العلاج عنهم،  وتم تخصيص رواتب لمتعددي الإعاقات، وعدد من معيلات الأسر، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى إمداد مائة ألف أسرة بتأمين صحي شامل، ويتم حتى الآن توزيع مجموعة من المواد الغذائية بشكل دوري على الأسر الأكثر فقرا واحتياجا.

عن أي أزمة سياسية يتحدث هؤلاء؟، وعن أي استهداف شرائحي يتكلمون؟ وفوق أي سندان ستصمد أباطيلهم حول الاستهداف والإقصاء والاستغلال إذا ما تم طرقها بالحقائق الماثلة والأدلة الدامغة؟.

كان الأحسن لهؤلاء الاستمرار في التواري عن الأنظار، إذ أن ما قدموه من أوهام لا يرقى ليكون مجرد قرينة يستأنس بها إذا ما وضعت أمام أدلة الإنجازات الماثلة والحقائق الدامغة التي تترك تلك الادعاءات المتخيلة والأحداث المتوهمة هباءا منثورا.

ثلاثاء, 17/08/2021 - 15:10

          ​