محمد الحافظ أحمدو يكتب: عن مهرجان “المدائن التراثية”

وُفّقت وزارة الثقافة -في اعتقادي- كثيرا، في اختيارها لاسم “المدائن التراثية” بدلا من الاسم السابق، وفي تعيينها للمخرج العالمي عبد الرحمن سيساكو منسقا للمهرجان؛ ويتنزل “توفيق الوزارة” حسب فهمي في الاعتبارات التالية:

التسمية: من الناحية الشكلية كلمة “المدائن” من الكلمات التي أصبحت شبه مهجورة؛ لذلك يمكن اعتبارها “كلمة أثرية” ولم أعثر على استخدام لها في سياق سلبي؛ يقول الله تبارك وتعالى -على لسان جلساء فرعون- {قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين} والمعروف أن المقصود هو مدائن مصر؛ بما تحيل إليه من أثرية وتراثية..!

والتاريخ العربي متخم بإجلال هذه الكلمة؛ حيث سموا “البهلوية تيسفون” بعد فتحها ب”المدائن” يقول البحتري في رائعته السينية؛ مادحا إياها:

حَضَرَتْ رَحْلِيَ الهمومُ فوجَّهْـ

ـتُ إلى أبْيضِ المدائنِ عَنْسِي

أما “مدائن صالح” فمن أكبر المواقع الأثرية في الحجاز، وكونها اندثرت ولم يبق غير آثارها؛ فإن ذلك لا يمس من قيمتها التاريخية؛ أو لعله يزيد منها.. ونحن -أيضا- من بين مدننا التاريخية “مدائن مندثرة” (كومبي صالح، آزوكي، آبير..)! وكون ساكنتها غُضب عليهم، أو لم يؤمنوا بنبي الله صالح؛ فإن ذلك لا علاقة له بالآثار.. نحن -كذلك- من بين مدننا التاريخية مدن أسسها وثنيون..!

إذن؛ ففي اعتقادي أن التقاطك لكلمة “المدائن” يحيلك تلقائيا إلى التاريخ وإلى التراث؛ إنه إحالة إلى حضارات المصريين والفرس والعرب البائدة..!

الإشراف: أما اختيار المخرج العالمي عبد الرحمن سيساكو للإدارة الفنية للمهرجان؛ فهو -كذلك- اختيار في محله جدا؛ إذ لا نختلف على أنه أكبر مخرج أنجبته هذه الأرض (حتى اللحظة) لذلك فإن المهرجان -مثلما هو محتاج إلى محتوى نوعي- محتاج إلى إخراج محترف.. ووفق قناعتي الشخصية؛ فإن النسخ السابقة من المهرجان كان يعيبها الإخراج أكثر من المحتوى؛ وإن لم يسلم الأخير أيضا..!

ما فهمته -من المتاح من المعلومات حتى الآن- أن دور عبد الرحمن سيساكو دور فني وموضوعي؛ يتعلق بالإخراج أولا، وبتوظيف علاقات الرجل الكبيرة ثانيا.. يضاف إلى ذلك أن الرجل سيسند من قبل الوزارة -دون شك- بمن يكمله بشأن العلاقة بالفضاء العربي والثقافة العربية…!!!

أحد, 12/09/2021 - 10:30

          ​