بين تبتل السياسيين وكسل الاعلاميين واستحواذ الشهر الكريم على حديث الساحة تدخل الساحة الاعلامية هذه الأيام حالة من الركود والابتذال والسخف لم تبلغها من قبل.
ودعنا نتجاوز أن إعلامنا الكسول ومادته السهلة وجهود ذويه الكليلة كانت قبل الآن ظلالا لأحداث وأثرا لتموجات السياسية وتحركات الساسة حيث يدور المحور الأساسي لاعلامنا اليوم حول شخص الرئيس وما يحيط به من قريب ومن بعيد وما يتعلق به من حركات وسكنات وما يثار حوله من شائعات وإشاعات وما يتبع ذلك من همسات الحزب الحاكم وأنصاره.
ثم إن لشهر رمضان الكريم مكانة كبيرة في نفوس المسلمين وخصوصا أهل هذا الصقع وما إن يهل علينا حتى تطوى كل تلك العناوين وتضيق المساحة الخبرية وتصد أبوب الحبر ويبقى مدار الحديث عن الفطور والسحو وأحكام الصيام وعن أقصر نهار في العالم وأقصر صيام فيه، وعن الطعام الاحسن للسحور والأسلم في الفطور.
وما إن هل شهر رمضان حتى طبع جميع أعمالنا بطابع التقرب والعبادة، وبدونا وكأننا ولدنا من جديد حتى أن السياسيين وجهة القوم من كتاب الأخبار أصبحوا يطبعون نشطاتهم الحزبية بطابع رمضان ولا يخرج عن ذلك قول ولا حركة تعمل في رمضان إلا وقيست بميزان رمضان، وكأن الشهر الجليل أصبح من يقصد بالعبادة والتقرب أو كأن الناس تتغير فيه وتظهر فيه أو تتظاهر بأعمال ومواقف لم تكن من ديدنها، أو كأن الأحكام تغيرت مع حلول الشهر الكريم وتغيرت موازين الأمور حتى بلغ الأمر بسدنة المادة الاعلامية أن أخذوا طرقا شتى في الانتاج وتوزع عملهم على أبعاد أخرى ، وحدا الأمر بالسياسيين أن تبتلوا في محراب الشهر الكريم وأولوا السياسة ظهورهم، واكتسوا ثيابا ما ألفناها تكسوهم في سالف عهدهم حتى اختلطت أعمالهم بنيات من ألوان أخرى.
ديدي نجيب