حينَ أتمَّ الخطيبُ الخُطبة الأولى لصلاة عيدِ الفطر في مُصلّى حيّ كريمة بمدينة سلا، ارتأى أنْ يستغلَّ اللحظات الفاصلةَ بيْن الخُطبتيْن لتلقين الشهادة لأربعة أجانبَ اعتنقوا الإسلام في متمّ رمضان، وتولّى عمليّة الترجمة لهُمْ من العربيّة إلى لغاتهم "الشيخ داود"، قالَ الإمام إنّه ألمانيّ اعتنق الإسلام منذ سنوات ويُتْقن العربية وحامِلٌ لكتاب الله.
بعْد انتهاء الصلاة التفَّ مجموعة من المُصلّين حول "الشيخ داود"، يلتقطونَ معه الصور، و "يُرحّبون" به في الإسلام، ويرمقونه بنظراتٍ يشعُّ منها الإعجاب. حينَ سلّم عليه أحدَ المُصلّين التفتَ إلى صديقه وقال له: "عندما قال الإمام "الشيخ داود" حسبْتُ أنّه رجل كبير في السن"، وتابعَ بنبرة مِلؤها الإعجاب: "حفظ القرآن وهو ما يزالُ شابّا، ما شاء الله".
لمّا انفضّ جمْع المُصلّين هرْوَل "الشيخ داود" نحو المكان المخصص للنساء في المُصلّى. هناك كانتْ تنتظره زوجته وابنته الصغيرة. كانتَا ترتديان الحجاب، مثل باقي المغربيات اللواتي حضرنَ صلاة العيد، أمَّا هُو فارتدى جلبابا مغربيا أبْيضَ وطاقية، ولمْ يكن ثمّة فرْق في المظهر بيْنه وبيْن المُصلّين المغاربة، عَداَ لون لحيْته وشعره الأشقر ولون بشرته الأوربية البيضاء.
لـ"الشيخ داود" كما وصفه الخطيب، وإنْ كانَت تسمية "الشيخ" غيْرَ مطابقةٍ تمامًا لهيئته، ما دامَ أنَّ داود ما زالَ في ريعان الشباب، ولا يتعدّى عمره 36 سنة، قصّةً فريدة مع اعتناق الدّين الإسلامي، ليْستْ شبيهة بباقي قصص معتنقي آخر الدّيانات السماوية، نكتشف تفاصيلها من خلال هذه السطور...
من الإلحاد إلى الإسلام
قبْل اعتناق الدّين الإسلامي كان داود مُلْحدا، لا يعترفُ بخالقٍ ولا بكتابٍ من الكُتب المُقدّسة. وُلِد كذلك في قرية صغيرة في جنوب ألمانيا، وظلّ على غيْر دينٍ كغالبيّة الألمان إلى أنْ بلغ من العمر ثمانية عشر ربيعا، لينتقل من ضفّة الإلحاد إلى شَطّ الإيمان، بعْد طولِ بحْثٍ وتنقيبٍ.
قبْل العبور إلى شطَ الإيمان، كانَ داود وهوَ في عُرْض يَمّ الإلحاد يتأمّل في الطبيعة والكوْن، وكلّما تعمّق تأمُّل الشابّ اليافع يتعاظمُ الاقتناعُ في أعماقه بأنَّ ثمّة خالقاً لهذا الكون العظيم، وأنّ كلّ ما تراه العينانِ وما لا تريَانه، بالنظام المتكامل الذي يسيرُ وفْقه، يستحيل أنْ يكون قدْ نشأ صُدفةً.
كذلكَ كانت بداية الانتقالِ والتحوّل بعْد أن ارتجّت أسُس الإلحادِ في نفْس داود، ويتذكّر تلْك الأيّامَ المفعمة بالتأمّل العميق في حديث لهسبريس قائلا: "بعْد أنْ أيْقنتُ أنّ الطبعية التي كنتُ أتأمّل أسرارها الظاهرةَ يستحيل أن تنشأ صُدفة، وأدركتُ أنّ هناك خالقاً لهذا الكون، فهمتُ أنّه لا بُدّ أن يكون هناك دين صحيح".
وانطلاقا من هذا الفهم نشأ داود يبْحث في الأديان السماوية التي سمعَ بها، فكل دين يزعم معتنقوه أنه هو الحقُّ، وكان منطلقه للوصول إلى الدّين الحقّ أنْ قرأ عن كلّ الأديان، قراءة عميقة، وكانَ مقصده من ذلك الوصول إلى القاسم المشترك بين الديانات السماوية كلها، ويَلْفيَ ما تتفقُ عليه جميعها من مقاصد كُبرى.
ولمْ تكُن العملية سريعة، فالبحثُ عن الدّين الصحيح يقتضي البحث والقراءة والفهم العميق، وهكذا ظلّ الشاب داود يبحث عن مبتغاه بيْن صفحات الكتب المقدّسة لمُدّةِ حواليْ خمس سنوات كاملة، استغرقها في البحث، وفي النهاية رسَا اختياره، المبنيّ على أسّ الاقتناع التامّ، على الدّين الإسلامي، فنزع جُبّة المُلحد وارتدى رِداءَ المؤمن.
في ذلك الوقت، أواخرَ التسعينات من القرن الماضي (سنة 1998)، لمْ يَكُن الدّين الإسلامي منتشرا بكثرة في ألمانيا، وكانت المساجد قليلة، ولم يكن غيرُ المسلمين يعرفون عنها شيئا، ولا أيْن توجد، غيْرَ أنّ ذلك لم يمنع داود من المُضيّ في سعْيه نحو اعتناق الإسلام، وكانَ ملجؤه إلى المسلمين الذين يلتقيهم في الشارع. يتكلم معهم حول الدين الإسلامي، وبعد أن اطمأنَّ اطمئنانا تامّا لاختياره اعتنقه.
حامل لكتاب الله
بعْد اعتناق الدّين الإسلامي بدأَ داود في تعلّم اللغة العربية الفصحى، منْ أجْل فهْم القرآن أكثرَ، وتأتّى له ذلك. كانت البداية بمُلاقاة العرب المقيمين في ألمانيا، يسألهم عن معاني الكلمات، ويتعلّمُ رُيْدا رُويَدا، وحينَ أتمّ دراسته في ألمانيا سافرَ إلى مصر، وهُناكَ عزّزَ مَلَكاته اللغوية في ميْدان لُغة الضاد، وصارَ يتحدّثُ بها بطلاقةٍ، مثْلَ أهلها أوْ أحسنَ من بعضهم.
بعْد تعلُّم أبجديات اللغة العربيّة شَرعَ داود في حفْظ القرآن الكريم، وكانت البداية بسورة البقرة، أوّل سورة في المصحف، فحفظها على طولها، ثمّ انتقلَ إلى حفْظ قِصار السور، بَدْءا من جُزْء "عَمَّ"، إلى أنْ أتمّ حفظَ عشرين حزبا من المصحف الشريف، وبعْد ذلك توقّف عن الحِفْظ لمُدة، ثمّ أخذَ المبادرة ثانية، وبَدَأ يحفظ شيئا فشيئا، إلى أن حفظ القرآن كاملا، وصارَ حاملا لكتاب الله.
تشويه الإسلام
يقْطنُ داود حاليا رفقة أسرته الصغيرة في المغرب. حلَّ به قبْل عشرة أشهر، ويعملُ مُترجما. سألناه كيف ينظرُ إلى تعامُل الغرب مع الإسلام، في ظلّ تنامي العداءِ للمسلمين المقيمين في الدول الغربية، وهلْ يتحمّل المسلمون نصيبا من المسؤولية في نظرة الغرْب إزاءهم، فقالَ إنّ المسلمين في الغرب لا يُسمح لهم بإبراز صورة الدين الإسلامي على حقيقيتها.
يقول داود: "لا تُتاح الفرصة للمسلمين لنشر صورة إيجابية عن الإسلام. إذا تحدّث أحد المسلمين عن الإسلام بشكلٍ إيجابي فإنّ تصريحاته لا تُنشر، أو يتمّ تحويرها وتحريفها"، ويضيف: "رأيت الكثير من المسلمين الذين سَعَوْا إلى تصحيح صورة الإسلام، ولكنّ وسائل الإعلام تُحرّف كلامهم. المسلمون لا صوتَ لهم في الإعلام الغربي، والأبوابُ مُغلقة في وجههم".
غيْرَ أنّ المسلمين في المقابل يتحمّلون نصيبا من المسؤولية في عدم التعريف بدينهم، فحينَ اعتنق داود الإسلام سنة 1998 لاحَظ أنّ الكُتبَ الإسلامية المُترجَمة إلى اللغة الألمانية قليلة، بلْ إنّ أغلبَ المسلمين هناك غير مُلمّين بدينهم، ويحكي داود قائلا: "جلست مع مُسلمين في ألمانيا، ورأيت بعض التناقض المتمثل في جهلهم لدينهم، وبعد ذلك قررت أن أخرج من ألمانيا بعد إتمام الدراسة، وأتعلم مبادئ الدين الإسلامي"، وكانت الوِجْهةُ مصرَ.
نصيحة للشباب
كغيْره من المسلمين، يُتابعُ داود تنامي التطرّف واتساع نطاق الأعمال الإرهابية التي تُنفذ باسم الدين الإسلامي بقلق، ويَرى أنّ ما يحصُل ناجم عن جهل المسلمين لدينهم، فالشباب الذين ينفّذون هذه الأعمال قد يكونون ربما يريدون خيرا لدينهم، وربما يظنون أنهم يسلكون الطريق الصحيح، وإنْ كانوا على خطأ، وهذا راجع لجهلهم لدينهم"، يقول داود.
ويستطرد أنَّ الشبابَ الغربيّين من معتنقي الإسلام الذين يلتحقون بالتنظيمات المتطرفة يجدون لدى هذه التنظيمات ما يوافق أهواءهم، موضحا: "من هؤلاء الشباب من كان يميل في أصْله إلى العنف، وكان شخصا متطرفا ومجرما، وعندما أسلم وجد لدى زعماء التنظيمات المتطرفة ما يوافق شهوته وأهواءه فعاد إلى ما كان عليه من إجرام".
ويتأسّف داود لقلّة العُلماء القادرين على تبيين الطريق الصحيح للمسلمين في أوربا، خاصّة منهم الشباب، ويقول موجّها نصيحته للشباب المسلمين: "على الإنسان ألا يتسرّع حينما يستمع إلى شخص ظاهره التديّن. عليه ألا يصدّق كل من أتى إليه ويقول له كلمة، مهما كان الأمر ومهما كان الموضوع عليه أن يسمع كلام العلماء الذين لهم عِلم بالدين ولا يتجه فقط إلى جهة واحدة".حينَ أتمَّ الخطيبُ الخُطبة الأولى لصلاة عيدِ الفطر في مُصلّى حيّ كريمة بمدينة سلا، ارتأى أنْ يستغلَّ اللحظات الفاصلةَ بيْن الخُطبتيْن لتلقين الشهادة لأربعة أجانبَ اعتنقوا الإسلام في متمّ رمضان، وتولّى عمليّة الترجمة لهُمْ من العربيّة إلى لغاتهم "الشيخ داود"، قالَ الإمام إنّه ألمانيّ اعتنق الإسلام منذ سنوات ويُتْقن العربية وحامِلٌ لكتاب الله.بعْد انتهاء الصلاة التفَّ مجموعة من المُصلّين حول "الشيخ داود"، يلتقطونَ معه الصور، و "يُرحّبون" به في الإسلام، ويرمقونه بنظراتٍ يشعُّ منها الإعجاب. حينَ سلّم عليه أحدَ المُصلّين التفتَ إلى صديقه وقال له: "عندما قال الإمام "الشيخ داود" حسبْتُ أنّه رجل كبير في السن"، وتابعَ بنبرة مِلؤها الإعجاب: "حفظ القرآن وهو ما يزالُ شابّا، ما شاء الله".لمّا انفضّ جمْع المُصلّين هرْوَل "الشيخ داود" نحو المكان المخصص للنساء في المُصلّى. هناك كانتْ تنتظره زوجته وابنته الصغيرة. كانتَا ترتديان الحجاب، مثل باقي المغربيات اللواتي حضرنَ صلاة العيد، أمَّا هُو فارتدى جلبابا مغربيا أبْيضَ وطاقية، ولمْ يكن ثمّة فرْق في المظهر بيْنه وبيْن المُصلّين المغاربة، عَداَ لون لحيْته وشعره الأشقر ولون بشرته الأوربية البيضاء.لـ"الشيخ داود" كما وصفه الخطيب، وإنْ كانَت تسمية "الشيخ" غيْرَ مطابقةٍ تمامًا لهيئته، ما دامَ أنَّ داود ما زالَ في ريعان الشباب، ولا يتعدّى عمره 36 سنة، قصّةً فريدة مع اعتناق الدّين الإسلامي، ليْستْ شبيهة بباقي قصص معتنقي آخر الدّيانات السماوية، نكتشف تفاصيلها من خلال هذه السطور...من الإلحاد إلى الإسلامقبْل اعتناق الدّين الإسلامي كان داود مُلْحدا، لا يعترفُ بخالقٍ ولا بكتابٍ من الكُتب المُقدّسة. وُلِد كذلك في قرية صغيرة في جنوب ألمانيا، وظلّ على غيْر دينٍ كغالبيّة الألمان إلى أنْ بلغ من العمر ثمانية عشر ربيعا، لينتقل من ضفّة الإلحاد إلى شَطّ الإيمان، بعْد طولِ بحْثٍ وتنقيبٍ.قبْل العبور إلى شطَ الإيمان، كانَ داود وهوَ في عُرْض يَمّ الإلحاد يتأمّل في الطبيعة والكوْن، وكلّما تعمّق تأمُّل الشابّ اليافع يتعاظمُ الاقتناعُ في أعماقه بأنَّ ثمّة خالقاً لهذا الكون العظيم، وأنّ كلّ ما تراه العينانِ وما لا تريَانه، بالنظام المتكامل الذي يسيرُ وفْقه، يستحيل أنْ يكون قدْ نشأ صُدفةً.كذلكَ كانت بداية الانتقالِ والتحوّل بعْد أن ارتجّت أسُس الإلحادِ في نفْس داود، ويتذكّر تلْك الأيّامَ المفعمة بالتأمّل العميق في حديث لهسبريس قائلا: "بعْد أنْ أيْقنتُ أنّ الطبعية التي كنتُ أتأمّل أسرارها الظاهرةَ يستحيل أن تنشأ صُدفة، وأدركتُ أنّ هناك خالقاً لهذا الكون، فهمتُ أنّه لا بُدّ أن يكون هناك دين صحيح".وانطلاقا من هذا الفهم نشأ داود يبْحث في الأديان السماوية التي سمعَ بها، فكل دين يزعم معتنقوه أنه هو الحقُّ، وكان منطلقه للوصول إلى الدّين الحقّ أنْ قرأ عن كلّ الأديان، قراءة عميقة، وكانَ مقصده من ذلك الوصول إلى القاسم المشترك بين الديانات السماوية كلها، ويَلْفيَ ما تتفقُ عليه جميعها من مقاصد كُبرى.ولمْ تكُن العملية سريعة، فالبحثُ عن الدّين الصحيح يقتضي البحث والقراءة والفهم العميق، وهكذا ظلّ الشاب داود يبحث عن مبتغاه بيْن صفحات الكتب المقدّسة لمُدّةِ حواليْ خمس سنوات كاملة، استغرقها في البحث، وفي النهاية رسَا اختياره، المبنيّ على أسّ الاقتناع التامّ، على الدّين الإسلامي، فنزع جُبّة المُلحد وارتدى رِداءَ المؤمن.في ذلك الوقت، أواخرَ التسعينات من القرن الماضي (سنة 1998)، لمْ يَكُن الدّين الإسلامي منتشرا بكثرة في ألمانيا، وكانت المساجد قليلة، ولم يكن غيرُ المسلمين يعرفون عنها شيئا، ولا أيْن توجد، غيْرَ أنّ ذلك لم يمنع داود من المُضيّ في سعْيه نحو اعتناق الإسلام، وكانَ ملجؤه إلى المسلمين الذين يلتقيهم في الشارع. يتكلم معهم حول الدين الإسلامي، وبعد أن اطمأنَّ اطمئنانا تامّا لاختياره اعتنقه.حامل لكتاب اللهبعْد اعتناق الدّين الإسلامي بدأَ داود في تعلّم اللغة العربية الفصحى، منْ أجْل فهْم القرآن أكثرَ، وتأتّى له ذلك. كانت البداية بمُلاقاة العرب المقيمين في ألمانيا، يسألهم عن معاني الكلمات، ويتعلّمُ رُيْدا رُويَدا، وحينَ أتمّ دراسته في ألمانيا سافرَ إلى مصر، وهُناكَ عزّزَ مَلَكاته اللغوية في ميْدان لُغة الضاد، وصارَ يتحدّثُ بها بطلاقةٍ، مثْلَ أهلها أوْ أحسنَ من بعضهم.بعْد تعلُّم أبجديات اللغة العربيّة شَرعَ داود في حفْظ القرآن الكريم، وكانت البداية بسورة البقرة، أوّل سورة في المصحف، فحفظها على طولها، ثمّ انتقلَ إلى حفْظ قِصار السور، بَدْءا من جُزْء "عَمَّ"، إلى أنْ أتمّ حفظَ عشرين حزبا من المصحف الشريف، وبعْد ذلك توقّف عن الحِفْظ لمُدة، ثمّ أخذَ المبادرة ثانية، وبَدَأ يحفظ شيئا فشيئا، إلى أن حفظ القرآن كاملا، وصارَ حاملا لكتاب الله.تشويه الإسلاميقْطنُ داود حاليا رفقة أسرته الصغيرة في المغرب. حلَّ به قبْل عشرة أشهر، ويعملُ مُترجما. سألناه كيف ينظرُ إلى تعامُل الغرب مع الإسلام، في ظلّ تنامي العداءِ للمسلمين المقيمين في الدول الغربية، وهلْ يتحمّل المسلمون نصيبا من المسؤولية في نظرة الغرْب إزاءهم، فقالَ إنّ المسلمين في الغرب لا يُسمح لهم بإبراز صورة الدين الإسلامي على حقيقيتها.يقول داود: "لا تُتاح الفرصة للمسلمين لنشر صورة إيجابية عن الإسلام. إذا تحدّث أحد المسلمين عن الإسلام بشكلٍ إيجابي فإنّ تصريحاته لا تُنشر، أو يتمّ تحويرها وتحريفها"، ويضيف: "رأيت الكثير من المسلمين الذين سَعَوْا إلى تصحيح صورة الإسلام، ولكنّ وسائل الإعلام تُحرّف كلامهم. المسلمون لا صوتَ لهم في الإعلام الغربي، والأبوابُ مُغلقة في وجههم".غيْرَ أنّ المسلمين في المقابل يتحمّلون نصيبا من المسؤولية في عدم التعريف بدينهم، فحينَ اعتنق داود الإسلام سنة 1998 لاحَظ أنّ الكُتبَ الإسلامية المُترجَمة إلى اللغة الألمانية قليلة، بلْ إنّ أغلبَ المسلمين هناك غير مُلمّين بدينهم، ويحكي داود قائلا: "جلست مع مُسلمين في ألمانيا، ورأيت بعض التناقض المتمثل في جهلهم لدينهم، وبعد ذلك قررت أن أخرج من ألمانيا بعد إتمام الدراسة، وأتعلم مبادئ الدين الإسلامي"، وكانت الوِجْهةُ مصرَ.
نصيحة للشباب
كغيْره من المسلمين، يُتابعُ داود تنامي التطرّف واتساع نطاق الأعمال الإرهابية التي تُنفذ باسم الدين الإسلامي بقلق، ويَرى أنّ ما يحصُل ناجم عن جهل المسلمين لدينهم، فالشباب الذين ينفّذون هذه الأعمال قد يكونون ربما يريدون خيرا لدينهم، وربما يظنون أنهم يسلكون الطريق الصحيح، وإنْ كانوا على خطأ، وهذا راجع لجهلهم لدينهم"، يقول داود.ويستطرد أنَّ الشبابَ الغربيّين من معتنقي الإسلام الذين يلتحقون بالتنظيمات المتطرفة يجدون لدى هذه التنظيمات ما يوافق أهواءهم، موضحا: "من هؤلاء الشباب من كان يميل في أصْله إلى العنف، وكان شخصا متطرفا ومجرما، وعندما أسلم وجد لدى زعماء التنظيمات المتطرفة ما يوافق شهوته وأهواءه فعاد إلى ما كان عليه من إجرام".
ويتأسّف داود لقلّة العُلماء القادرين على تبيين الطريق الصحيح للمسلمين في أوربا، خاصّة منهم الشباب، ويقول موجّها نصيحته للشباب المسلمين: "على الإنسان ألا يتسرّع حينما يستمع إلى شخص ظاهره التديّن. عليه ألا يصدّق كل من أتى إليه ويقول له كلمة، مهما كان الأمر ومهما كان الموضوع عليه أن يسمع كلام العلماء الذين لهم عِلم بالدين ولا يتجه فقط إلى جهة واحدة".
هسبريس