يعتبر الضرب أهم مظاهر العنف الذي يمارسه الرجال ضد المرأة، وهو في المجتمع الزنجي الموريتاني علامة حب ووله؛ فالمرأة التي لا يضربها زوجها كل يوم أو يومين امرأة فاشلة في المعتقد السائد لدى الأقلية الزنجية الموريتانية؛ وكان الأمر في المجتمع العربي الموريتاني بعكس هذا، فقد كان ضرب المرأة عارا ومسبة قبل أن تتغير عادات المجتمع ويصبح ضرب المرأة في هذا الشق من المجتمع سلوكا شائعا.
وبمراجعة تقارير وتقييدات إدارة النزاعات الأسرية في وزارة شؤون المرأة في موريتانيا تتضح مظاهر العنف عبر مئات الشكاوى التي تقيدها نساء ضحايا لعنف أزواجهن لدى الوزارة.من مظاهر العنف المسجلة الخوف الدائم وعدم الإطمئنان ومنها الضرب المبرح، والكي بالنار والحرق بالغاز المشتغل وإطفاء أعقاب السجاير على الخدود وأحيانا حتى داخل الفروج.
يقول الباحث الاجتماعي الموريتاني محمد محمود معالي «إن الضرب عند الزنوج تقليد أبوي متوارث..
ولدى الأغلبية العربية فضيحة تلاحق الرجل".
ويضيف "تتفاوت ظاهرة العنف الزوجي في المجتمع الموريتاني حسب تفاوته الطبقي والعرقي، حيث تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات وضربهن في أوساط قوميات الأقلية الزنجية، ويعتبر الضرب أحيانا تعبيرا من الزوج لزوجته عن حبه لها واهتمامه بها، وتفرض العادات على الزوج أن يتعامل مع زوجته كما يتعامل معها أبوها وأخوها الكبير، فهو في العرف المحلي مسؤول عن تأديبها".
ويؤكد الباحث الاجتماعي السنغالي توري مودو "أن الزوجة في المجتمع الزنجي إذا رأت زوجها يضرب باقي زوجاته ويحجم عن ضربها، فإن ذلك قد يكون مثار شك لديها في حبه لها واهتمامه بها".
ويضيف الباحث «بدأت تلك الظاهرة تتقلص تدريجيا مع ازدياد نسبة الوعي بين السكان، وتفعيل القوانين المجرمة للعنف الزوجي».
أما الأغلبية العربية، يقول الباحث محمد محمود، فيكاد الأمر ينعكس فيها، حيث ي"عتبر ضرب النساء فضيحة تلاحق الرجل إن هو أقدم عليه، ويقدم بعض القضاة الشرعيين التقليديين في موريتانيا على تطليق المرأة من زوجها عنوة إذا هو ضربها، بل إن كلمات جارحة أو عنيفة من الزوج لزوجته، قد تكون كافية لتطليقها منه، وهو ما يعتقد الباحثون الاجتماعيون أنه كان السبب في انتشار ظاهرة الطلاق بشكل كبير في الأوساط العربية الموريتانية، وتناقصها في الأوساط الزنجية، حيث لا يجد الرجل العربي حيلة لتفريغ شحنة غضبه على المرأة إلا بتطليقها، لأنه لا يملك سلاحا آخر لعقابها، فيما يملك الرجل الزنجي الحق الاجتماعي في ضربها والتزوج عليها، الأمر الذي يجعله أقل إقداما على الطلاق من نظيره العربي".
ع. مولود
القدس العربي