ما ذا سيقول الذين يعرفون القراءة والكتابة حين يقرؤون هذا العنوان الصغير؟
أما من لا يدرك ما تشير إليه الحروف المتلاصقة ، ولم يشغله هم النصوص ، وفهم العالم كبنية لغوية، فليس وجهة لكلماتناولا محط رحال أقلامنا
أنا فعلا كتابة، لم تجد الحبر والورق اللذين يغطيان مساحتها، ويعتنيان ويرأفان بكلماتها المختلطة، وسطورها الملتوية و المبعثرة، ولم تظفر بمن يثق بخطوطها الصغيرة المتقاربة، ولم تحظ بمن يتعلم أبجدية الفهم ليستوعب ما ترمي إليه حروفها ،وما تخفي خلف أشكالها العجيبة، ونقاطه المتحمسة.
أنا فعلا كتابة بقلم الزمن وبحبر الوجود،وعلى صفحاته النقية البيضاء ،برزت للناظر،نصا من مدونة الأشياء ،له عنوان بارز وفهرسة ستظهر بعد حين،مرقم لا يشبه كل النصوص..
كنت نقاطا متفرقة ولكل منها عالم تسكنه وفيه تعيش عمرها الطبيعي ، وفي يوم من الأيام تقاربت النقاط وتآلفت وأخذت شكل أصوات، ملأت الفراغ ودخلت عالم التداول والدلالة ، فحصلت على علم وصفات، وأسلوب وقيمة ، فتميزت بذلك عن أنماط النصوص وأنواع الخطابات .
أنا كتابة وليس ذلك لأنني أحتاج لأن أقرا وتسلط علي معظم مناهج تحليل الخطاب ، ابتداء بالمناهج السياقية وصولا إلى النظرية النصية، وختاما بنظرية التلقي، لأفهم وتدرك أبعادي الوهمية ، وعدد صفحاتي ، ونقاطي وحروفي وجملي وطبيعة الخط الذي نقشت به ، وعلامات الترقيم التي توزعتني ، لا ولكنني كلمات صامتة تظهر على جدار المعية ،وفوق جبين الحاضر، ...
وليس هذا مميزا لذاتي ،ولكننا جميعنا نصوص مغلقة ومفتوحة ،تحتاج، جلها للدرس والفهم والاستيعاب ، كما يفرضها الاجتماع واللغة على النقد و التناص والمحاكاة والتفرع ، و الإنزياح، .
إن قراءة كتابة من هذه الكتابات التي تملأ دفتر العالم ،لا تختص بأهل فن ، و لا تتطلب معرفة كل اللغات، فهي ليست حكرا على اللغوي دون الرياضي أو الفيزيائي ،وليست كذلك مغلقة دون الأبكم أو الأصم والعيي، فللمنهج السميائي حظه من الفهم والقراءة،
أنا كتابة ستظهر بعد أن أصبح قصة تروى ،وأحاديث لايصدقها السامع ،ولايأبه بها القارئ ،سأظهر في ذعر من النقاد البنيويين ومناهج تحليل الخطاب والبنيوية.
ديدي أحمد سالم