برازافيل ـ محمد هادي عبد اللاوي وبرينس بافولو: أدوية مزيفة تغزو السوق الكونغولية وتهدد حياة الملايين من البشر في الكونغو كما في مناطق أخرى من إفريقيا، ظهرت في الكونغو مع بداية سنوات التسعين لتنتشر وتصير مع الوقت ظاهرة ملتصقة بالبلاد ومناطق متفرقة من القارة السمراء، تقض مضجع عدد من المنظمات الإقليمية و الدولية.
وأبدت منظمة الصحة العالمية فزعها من انتشار هذه الظاهرة مؤخرا في الكونغو الديمقراطية، وهي تخوفات أكدتها حصيلة عمليات قادها الانتربول خلال شهري يونيو/حزيران و سبتمبر/أيلول الماضيين، ومكنت من حجز 40 طنا من الأدوية المزيفة ببرازافيل وحدها، و120 طنا في “بوانت نوار”، العاصمة الاقتصادية للكونغو برازافيل بحسب رئيس عمادة الصيادلة بالكونغو هاسينت إينجاني.
غير ان هذا الخطر يكاد يهدد بلدان القارة السمراء بالكامل ففي السياق، كشف تقرير حديث للصحة العالمية، عن أن عملية تمشيط لـ 16 ميناء بحريا على السواحل الشرقية والغربية للقارة الإفريقية، مكنت منظمة الجمارك العالمية من حجز أكثر من 82 مليون قطعة من الأدوية غير القانونية، بقيمة تقارب الـ 40 مليون دولار، من بينها أدوية ضد السعال و ضد الطفيليات والملاريا ومضادات حيوية ووسائل لمنع الحمل.
إزاء هذا الطوفان من السموم التي ترزح تحتها القارة السمراء، سبق أن دقت المنظمة الأممية ناقوس الخطر بعد أن كشفت عن موت 122 ألف و 350 طفلا إفريقيا عام 2013 بسبب دواء مزيف مضاد للملاريا، وآخر غير ذي فاعلية.
الأمور بلغت حدا صارت معه ثلث الادوية، التي من المفترض ان تكون مضادة للملاريا أكثر الأمراض فتكا في القارة الإفريقية،مزيفة، ويمكن للنسبة أن ترتفع إلى 40 بالمئة في كل من غانا و الكاميرون وإلى 64 بالمئة في نيجيريا.
المصدر ذاته لفت إلى أن “30 بالمئة من الادوية المزيفة، مصدرها الهند والصين. وحتى وإن كانت قائمة الدول المصنعة للأدوية المزيفة تشمل نيجيريا، فإن مساهمة إفريقيا في هذه الصناعة تبدو هامشية لا تتجاوز النسبة 5 بالمئة”.
ومن أسباب انتشار هذه الظاهرة ووقوع إفريقيا بين براثن هذه الصناعة القاتلة، تقف أسباب تتراوح بين نقص الموارد البشرية ومخابر الادوية، وغياب العقاب الردعي وغلاء أسعار المواد الصيدلية.
وفي ذات الصدد، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الادوية المزيفة في العالم تعادل الواحد من 10، وأن دواء من بين إثنين يباع على انترنت، هو دواء مزيف، فيما تتراوح نسبة الادوية المزيفة التي تباع في إفريقيا، ما بين 30 و 70 %.
القابعون وراء هذا التهديد المميت لصحة الإنسان في إفريقيا، يغنمون في المقابل مبالغ خيالية من وراء تجارة الموت هذه، إذ بلغت قيمة معاملات تجارة الدواء المزيف، 200 مليار دولار، أرباح تتجاوز مداخيل تجارة المخدرات ما بين 20 و45 مرة، ونتيجة لذلك، يموت ما يربو عن 100 ألف شخص سنويا عبر العالم بسبب الدواء المزيف، بحسب منظمة الصحة العالمية.
أمام هذه الكارثة الصحية، تحاول المنظمة الأممية تقديم مساعدات مناسبة للدول من أجل دعم القوانين المتعلقة بالمواد الصيدلية، وهي الطريقة المثلى للتصدي إلى هذه الظاهرة، وعن ذلك صرح كولينس بوكاي أغيمانغ، ممثل منظمة الصحة العالمية ببرازافيل: “إن دعم منظومة قانونية حازمة للأدوية وتطبيقها من قبل السلطات، تسهم بشكل حساس في التوقي من الأدوية المزيفة وتحديدها بشكل دقيق”. (الأناضول)