يستطيع الإعلام حين يتجرد من أي مسؤولية أخلاقية، وحين ينفصل عن قضايا وطنه ويتحول لذراع سياسي تحدد بوصلته الخلافات السياسية، ويتحكم في خطه التحريري السياسيون ومن خلاله يمررون رسائلهم ويصنعون الضغط من أجل تعزيز حضورهم وشحن خطابهم..يستطيع،حينها، أن يتحول لقاتل محترف يرتكب جريمة في حق وطن بأكمله .. !
حين تتحرك ماكينات إعلامية واسعة الاختراق، وتنشر بين الناس أخبارا عارية من الصحة تثير الهلع وتحول سكينة الناس لقلق مستمر ، وتشوش على مصادر رزقهم وتقود بعضهم للهروب بعياله خارج عاصمة بلاده طلبا للحياة وحفاظا على الصحة ..فأي أخلاق وأي مسؤولية وأي وطنية في هذا الإعلام ؟!!
لاخلاف على دور الاعلام ولارفض له في كشف الحقيقة وفي تعرية الفاسدين ، وفي فضح التقصير ونقاش مكامن الخلل ، لكن هناك فرق شاسع بين الدور الحقيقي للإعلام وبين الإشاعات والبحث عن القراء من خلال التهويل وإثارة الرعب بين الناس ..!
ماذنب مواطنين أبرياء تروّع سكينتهم لا لسبب مقنع غير أن جناحا سياسيا يحاول أن يزيد من قائمة انتقاداته للسلطة والنظام الحاكم ؟؟!
ماذنب آلاف الأسر تنام على القلق من الزوار وتنام مسكونة بهاجس ارتفاع حرارة أي فرد من العائلة أو من الجيران .. لا لشيء سوى أن واحد من هؤلاء الذين يتحدثون في القاعات الفارغة ويعمرون شاشات التلفزيونات يريد أن يزيد من صوته وصراخه ويطيل مدة خطابه ..!
إشاعات البارحة فضحت إعلاما لفترة خلناه محترما وحوّلت مصادر واسعة الإطلاع لمجرد فرق كشافة تتحرك أمام سياسيين يوجهونها ويحددون خطها التحريري..!
لا أشكّك في الحمى ومعاناتنا معها، بل كنت شاهدة على إصابة إخوة لي وأصدقاء بها..لكنّي ضد التهويل والكذب وإشاعة حالات الموت..!
حقا نعرف، لا يوجد إعلام لوجه الله ولا يوجد إعلام خالٍ من التوجيه ومن المصالح ، لكن توجد أخلاق وتوجد روابط إنسانية، ويوجد في المتحف الإنساني شيء يسمّى الصدق .. ويوجد إحساس نبيل إسمه “مراعاة مشاعر الناس”..!!