بين طرفي نقيض جلست أتحسر على ذات تتمزق رويدا أردد في حزن مطبق :
إنني كنصف موجود يستحيل اكتماله بهذا العمر ..
كأي شيئ يفقد نصفه في الأصل جاء إلى الوجود مثقلا بذات أخرى تسكنه وتقاسمه الارادة والرغبة والوجود ...
إنسان أنا آدمي الشكل ..والصورة و البنية ..أعيش بنصف وجود يشتاحه صراع مرهق للروح مشغل للنفس عن العالم وعن الآخر وعن البدن..
إننا أحوج ونفسي أعني أكثر من أي وقت مضى إلى قناعة ثابتة تخلصني من تلك البنية الاستعمارية التي تستولي على ضميري وينظر الآخر إلى أفعالها وأقوالها وكأنها جزء مني ..قناعة ترسم في صميمي صورة صادقة عن جميع أشياء الكون بدءا بذاتي وحياتي وصولا لأدق تفاصيل الواقع الذي أتخبط فيه يمينا ويسرة بوعي مغيّب ،إننا إليها أحوج من الأكل والشرب والنوم وجميع الاضرارات التي تقتضيها حادثيتنا.
وما يدعونا لذلك ليس فقط ما يزاحمنا من الحيرة والشك ولا ما ينتابنا من الصدف ولكن مواكبة خطى اللحظات تفرض علينا أن نبني واقعنا بقناعة مسبقة لا تترك للأحكام المسبقة ولا العاديات مكانا في خريطة المألوف الذي نريد..إن نفسا تمسيي وتصبح بين الرغبة والارادة و الذوق والحظ ويوقظها التوقع والتردد بين أفنية المستحيل، وإن جسما تسكنه روح لا تهدأ لحظة وتقضي جميع عمرها تتردد بين المتناقضات تتسلق الفناء وتغوص في المستقبل وتسرح في الماضي برهة؛ لصعب عليها أن تطمئن لمألوف أو أن تستقيم على حال.
إنني أشعر بداخلي صراعا أزليا بين أطراف النقيض أشعر ذاتا بداخلي تريد أن تقودني وتريد لي أن أسير وفق طريق ترسمه بكل استبداد؛ وحين تكاد تقنعني بدربها وسلامته ورسوخه وأحقيته بالاقتداء، إذا بجزء آخر من ذاتي يتحرك في صمتي وكأنني بعثت من غيب وأريد أن أجعل لنفسي مكانا في هذه الحياة، وجود يذيقني أبجدية بنيتي ويستحضر كل تفاصيل الذوق في مقارنة عميقة بين طرفي اللحظة من التاريخ إلى المستقبل، وأقف أنا مندهشا أي الطريقين اسلك حتى أريح قلبي وضميري ولا أتعب الآخر.
ديدي نجيب