يرى الكثير من الدراسات أن علاقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين رئيسين هما: تغير في الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي وما يحدث نتيجة ذلك التغير من اختلال في وظائف الإدراك والتفكير وبالتالي ضعف السيطرة على ضبط الذات وفقدانها ما يجعل الفرد المدمن يطلق العنان لرغباته وشهواته فيقترف الجرائم دون وازع من ضمير أو خوف من عقاب. اما المصدر الثاني لعلاقة المخدرات بالجريمة فيتمثل في حاجة الفرد الملحة إلى المادة المخدرة، حيث يشعر المريض بضغظ الرغبة الشديدة لتعاطي المخدر الذي تعود عليه، وبذلك يصبح المريض أسيراً لعادته حيث يكون هاجسه الوحيد هو الحصول على المخدر.
ولأن المخدرات تباع في الخفاء عن طريق السماسرة والمروجين والمهربين فإننا نجد أن الشخص المدمن يلجأ إليهم في كل مرة يحتاج فيها فيدفع مستسلماً لهم ما يطلبون من مبالغ باهظة مقابل قدر يسير من المادة التي تعود عليها، وان المدمن لا يتردد كثيراً في اتباع كل الطرق غير المشروعة للحصول على المال، فقد يمارس السرقة بأنواعها من السطو على المنازل والمحلات التجارية أو التحاليل والتزوير وترويج المخدرات، وقد ينتج عن هذه الممارسات ارتكاب الجرائم من قتل أو احداث أضرار بالأرواح أو الممتلكات، وقد يتأثر المجتمع بذلك من جراء الاخلال باستقراره الاجتماعي.
وقد بينت دراسة قام بها المعهد الوطني الأمريكي لدراسة الإدمان على المخدرات بالولايات المتحدة وكانت دراسة تتابعية وكان من أهدافها التعرف على أنماط الجرائم ومعدلاتها لدى مدمني الهيروين، وكان عدد أفراد العينة "243" فرداً وكان من نتائجها أن أفراد العينة ارتكبوا ما يزيد على "45.700" جريمة خلال مدة إدمان دامت حوالي "11" عاماً، وذلك قبل إيداعهم بشكل نهائي إلى مراكز حجز وعلاج الإدمان، ونرى أن الغالبية العظمى من متعاطي المخدرات يرتكبون أكثر من نوع من أنواع الجريمة، وإن كانوا في الغالب يميلون عادة إلى السير في طريق الإجرام ويزداد سجلهم الإجرامي عندما يصبحون راشدين، ورغم اختلاف النسب بين دراسة وأخرى فقد أثبتت جميع الدراسات على وجود ارتباط بين الجريمة والإدمان، وقد أجريت دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية على عينة تضمن "345" مدمناً للهيروين لمعرفة مدى علاقة المخدرات بأنواعها وبالجريمة، وقد بينت النتائج ارتفاع معدلات الجرائم وارتباطها ببدء ادمانها على الهيروين، كما تبين الدراسة نفسها ان هناك ارتفاعاً في معدل الجريمة في الأيام التي يتعاطى فيها هؤلاء الأفراد المخدرات، حيث يصل هذا الارتفاع إلى "4" أضعاف ما يقترفونه أثناء الأيام التي لا يتعاطون فيها المخدرات.
كما أجريت دراسة في إحدى الدول العربية على عينة مكونة من طلبة مدمنين على المخدرات يدرسون في بعض الكليات وذلك للكشف عن جملة المتغيرات السلوكية والنفسية التي تحدث لهم أثناء تعاطيهم للمادة المخدرة وتبين من هذه الدراسة ازدياد حالات المشاكسة بين الطلبة والأساتذة وكثرة حالات الطرد التي يتعرضون لها، وحدوث عمليات السرقة التي يقومون بها من المنازل والمحلات.
ومما سبق نرى أن بعض متعاطي المخدرات ارتكبوا كثيراً من الجرائم الكبيرة والخطيرة وهم تحت تأثير المخدر، كما أن بعض الحالات ضحى بكل ما يملك في سبيل الحصول على المخدرات. ( د.سعد بن عبدالله )