
وردت السنة باستحباب صيام عاشوراء كما في حديث الصحيحين: " قددِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" والاحاديث بمعناه متعددة. ثم بعد استشهاد الحسين بن علي - رضوان الله عليهما - اتخذ الشيعة يوم عاشوراء "مأتما سنويا " يتباكون فيه على ذلك الإمام، ويرتكبون أنواع المنهيات والبدع: النياحة وشق الجيوب وإراقة الدماء...
وجزم بعض أئمتهم بكراهة صومه منابذة ًللسنة وليتقووا بالافطار على بدعتهم.وجاءت ردة الفعل من جهلة أهل السنة قوية ومعاكسة ، فوضوعوا أحاديث في فضل عاشور وما يختص به من أعمال البر، ليصبح وكأنه يوم عيد وفرح، لا يوم حزن ومأتم وليعاكسوا بدع الشيعة وجهالاتهم ببدع إضافية ليست من الدين في شيء ! وحاصل ما يُذكرون في ذلك اثنا عشر خصلة جمعها بعضهم في قوله: صُم، صلّ، صل، زر عالما، عُد، واكتحل *** رأس اليتيم امسح، تصدّق، واغتسلوسّع على العيال، قلّم ظفرا *** وسورة الإخلاص ألفا تقرأ ولم يثبت منها شيء ما عدا الصيام، وأمثل ذلك حديث التوسعة على العيال، مع أن أجلاء علماء الحديث نصوا على ضعفه، كالحافظ ابن حجر وغيره. ولكن عمل به بعض السلف كسفيان بن عيينة وذكره بعض الأئمة من متقدمي المالكية وغيرهم . إن مثل هذه المعاكسات والبدع المضادة التي حصلت بين السنة والشيعة في عاشور توضح لنا بجلاء طبيعة تشكل البدع وتراكمها، و تأثير الأهواء والمسلكيات العصبية في ذلك ، وتوظيفها للأحاديث الموضوعة والقصص المختلقة، والدخول تحت عباءة " البدع الإضافية"، خصوصا مع تساهل أهل العلم في أحاديث الفضائل. وبعد فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ... ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويظهر دينه.