الظلم كما قالت العرب هو "جعل الشيئ في غير محله" .
وقد شكا الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد من ظلم ذوي القربى في قوله:
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة @على المرء من وقع الحسام المهندِ
بإعتباره أعظم أشكال الظلم إلا أنه يمكن أن نكتشف نوعا أعظم من ذلك وأشد وقعا منه في القلب، ألا وهو ظلم النفس.
إن الانسان هو من يعطي نفسه قيمتها، بدءا بالمكانة وختما بالسمعة والجاه.إلى جانب الاعتبارات الاجتماعية الراسخة في قلوب الناس عن بعضهم والتي حفظها التاريخ ورعتها الثقافة ودعمها المجتمع وسهر على المحافظة على أن تظل كذلك.
اعلم أيها الانسان أنه لم يخطئ أحد في حقك كما أخطأت في حق نفسك،
وقال الشاعر الآخر :
وما المرأ إلا حيث يجعل نفسه..ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
إن ظلم النفس هو أعظم أشكال الظلم التي يعاني منها الانسان، فللإنسان على نفسه بصيرة، فقد يدرك الانسان ذاته تمام الادراك ويغيب عنه نتيجة ما يعمل مما يحلو له، وما يعود على ذاته من عواقب سيئة لا يزول درنها في حياته.
والأمر أقرب من التصور فالظلم كما قالت العرب هو جعل الشيئ في غير محله، وأنظر أنت ما الذي جعلت في غير محله..هل هو سمعة أم قدم ؟ أم كلمة؟إن أعظم ما يملك الانسان هو ثقته وعاطفته، وليس القلب من الأشياء القابلة للتوزيع بالمجان ولا يمكن أن نجزئه أو نمنح منه شيئا ويبقى شيئ آخر..ومنحه لمن لا يستحقه هو من ظلم النفس الذي يعود بنتائج سلبية على مستقبل العقل والثقة، إنه يصيب النفس بصدمات لا تبرء بسهولة بل قد تتحول إلى نوبات عرضية تتجسد في أشياء مخيفة لا تقبل للخروج في جوف الكلمات.
ديدي نجيب