تدوينة " بعد 55 عاما..!! بقلم عبد الله ولد عابدين

تطل علينا في هذا الشهر ذكرى عيد الاستقلال الوطني . و هي ذكرى لها في القلب أكثر من مكان ؛ فمُذْ كنا أطفالا و نحن نبالغ في إحيائها بالأناشيد و رفع الأعلام بدرجة من الحماسة كبيرة . و كان " سيدي " يجتهد في محاولة تثبيت برنامج المعاني السامية لهذا العيد في ذاكرتنا المركزية الصغيرة . فتراه يضرب الأمثال لعلنا نفقه معنى أو ندرك حقيقة ، و يتحول أحيانا مترجما للغة الإشارة إذا ما خانته العبارة .

و كنا نعود إلى المنزل في غبطة و سرور ، و فرحة و حبور ، لأن "سيدي" قال إن هذا الشعب عظيم و قد قهر الاستعمار بمقاومته الباسلة ، و إن جيشنا الوطني جيش لا يقهر ، و هو صانع الانتصار ، و حامي الاستقرار ، و هو جيش يمتلك العقيدة العسكرية ، و سوف يحقق لنا دولة العدل و المساواة و الحرية ...!! و بعد 55 عاما هانحن كبرنا (( و ذاك الطفل لم يكبر )) ...

 

و بعد 55 عاما يخبرنا شاهد على العصر من متقاعدي المخفر أن الذكرى ليست للاستقلال ؛ فلسنا دولة مستقلة ..و أن الاحتفال كان بمناسبة انتصار المتنور " كبلاني " في لحده ، على الظلامي " ول مولاي الزين " في جنات خلده .. و يخبرنا زميل له لم يتقاعد أن " جمهورية السيبة " ستقيم احتفالات كرنفالية في عاصمتها الاقتصادية ، و أن قواتنا المسلحة سوف تقوم بعرض ترسانتها القوية من صناعاتنا الحربية في عهد أنظمة الحكم العسكرية ؛ و سوف تتزين سماء انواذيبُ بطائرات " بُورْوَيْشَه " ، و تزمجر على الأرض دبابات " بوجعْرانْ " ، و تمخر أمواج الشاطئ زوارق " أَمَّيْسَ الْمَ " ، و تخترق أعماق المحيط غواصاتُ " الزَّقْلَانْ " ...

و بعد مراسيم الاحتفالات سوف يتوجه أعيان و وجهاء بلاد السيبة بخطاب موحد إلى " الزعيم " يخبرونه بأن الدولة أصبحت تُدعى الجمهورية الديمقراطية الموريتانية ، و أن رئيسها هو عمر بن عبد العزيز ، و أن عاصمتها السياسية أصبحت تتنفس تحت الماء و تسكنها حيوانات برمائية ، و أن عاصمتها الاقتصادية أصبحت منطقة " حره " ، و أن شعبها العظيم أصيب " بالضنك " .

و قريبا سوف (( يَتَفَجّرُ نَفْسُهُ )) .

اثنين, 09/11/2015 - 09:09

          ​