طعم الاستقلال

موعد جديد ومناسبة أخرى للاحتفال والاحتفاء تتيحها كل سنة سانحة تخليد عيد جلاء الاستعمار البغيض عن هذه الأرض الطيبة، لكنها مع ذلك فرصة للتأمل والتدبر واستحضار حصاد سنين مضت من تاريخ أمة ومسيرة دولة، تصر أن تحجز بإرادتها موقعا تحت الشمس، في خضم بحر هائج وأمواج متلاطمة من عدم الاستقرار تضرب في كل اتجاه.

فاستحضار المعاني والدلالات العظيمة لتخليد هذه المناسبة الكبيرة بمثابة شعلة أمل وشحنة طاقة تستدعي لدينا نقاط القوة وتستحث فينا مكامن الفعل الخلاق والعمل المتوثب وتجدد فينا روح الوطنية وقيمها النبيلة، وتجعلنا نستحضر حجم التضحيات التي قدمها أولئك الذين صبروا على جلاد المستعمر وبذلوا أرواحهم في سبيل الوطن.

ويتوج تخليد مناسبة الاستقلال هذا العام سنوات من العمل والعطاء الوطني، بما نفع الناس ولمسوه تنمية قاعدية على مختلف الصعد ومكث في الأرض بنى تحتية، اختزلت الزمن واختصرت المساحات وعوضت نصف قرن مضى من استقلال البلاد تخلت فيه الدولة عن دورها في خدمة الشعب وبناء الأمة، استقالة وتخل أفقد الاستقلال معناه وأحاله إلى مناسبات أبروتوكولية ومشاهد تمثيلية لا طعم ولا رائحة فيها.

فالاستقلال مقومات تنموية واقتصادية وتحرر إرادة وامتلاك قرار، قبل أن يكون شيئا آخر، وهي حقيقة وضعتها بلادنا خلال السنوات الأخيرة نصب عينيها، وجسدتها أوراش تنمية ومشاريع اقتصادية استيراتيجية كبرى في شتى المجالات وضعت البلد على جادة وطريق النماء والبناء.

وفي هذا السياق تتنزل إقامة الاحتفالات المخلدة للذكرى الخامسة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني في مدينة انواذيبو، التي تمثل بمنطقتها الحرة معلمة اقتصادية كبرى ينتظر أن تكون قاطرة تنموية تتجاوز حدود الولاية، ليعم نفعها عموم البلاد.

كما أن إقامة الاحتفالات المخلدة للاستقلال خارج العاصمة لأول مرة يرمز إلى إرادة الدولة في ترسيخ وتبني لامركزية تنموية، تعيد توزيع الثروة داخل البلد و تحد من هيمنة المركز على الأطراف اقتصاديا، وهي لعمري مقاربة تنموية طال انتظارها.

 

و.م.ا

اثنين, 30/11/2015 - 08:15

          ​