لماذا تستهدف صحافة الإخوان وزير الداخلية؟

 ليس غريبا في بلد ديمقراطي كبلدنا أن تتعاطى الصحافة الحرة مع الشأن العام وأن تمارس النقد لأداء الحكومة والمسؤولين، فالأمر مفهوم ومقبول إذا خلى من الكيدية ولم يختفي وراء أسباب ليست هي ما يتم الإفصاح عنه، في هذا الإطار تابعت حملة منسقة تستهدف وزير الداخلية السيد أحمدو ولد عبد الله في بعض المواقع والقنوات

وتأخذ مما تسميه بالانفلات الأمني في انواكشوط مبررا لهذه الحملة وسعيا مني لفهم ما وراء الأكمة حاولت أن أعرف الخيط الذي يجمع بين هذه القنوات والمواقع فكان في الأمر ما يثير الإهتمام، فالقناة التي تنشر هذه الأيام لقطات من مداخلة وزير الداخلية أمام الجمعية الوطنية مصحوبة بتعاليق بعض المواطنين هي قناة (المرابطون) والموقع الذي تركز يومياته على نقد وزير الداخلية هو موقع (زهرة شنقيط).

وكان آخر ما نشر هو ابراز صورة وزير الداخلية مصحوبة بخبر عن محاولة اعتداء تعرض لها حاكم عرفات ولا نعرف طبعا صحة هذا الخبر من عدمه، وفي كلتى الحالتين بدت لي في المسألة عملية استهداف لا تمت إلى المهنية الصحفية، ففي حالة (المرابطون) فإن ما اقتطعته من مداخلة الوزير مبتور من سياقه ومع ذلك يخدمه وليس على حسابه، إذ قال "إن أحداثا قد وقعت في الماضي وأخرى قد تقع في المستقبل وهو ما ينم عن طبيعة البشر وحقيقة المدن الكبرى، إلا أن ذلك يقول لا ينفي أن الدولة والأجهزة الأمنية تبذل جهودا مضنية لتحقيق أمن وطمأنينة المواطن وأن نتائج معتبرة تحققت ولا أدل على ذلك من عدم تسجيل أية جريمة قتل ضد مجهول في انواكشوط" انتهى الاستشهاد،

والحقيقة أن الوزير كان موفقا تماما فيما ذهب إليه حيث تعامل بمرونة وواقعية مع المسألة، بينما الخطأ الذي يقع فيه بعض المسؤولين أحيانا في مثل هذه الحالة هو نفي امكانية حدوث جرائم أما الاقرار بحصول بعضها وبإمكان حصول بعضها الآخر في المستقبل فهو دليل على الثقة في النفس وعلى الحس الوطني العالي للرجل وتحمل المسؤولية التي تتطلب كما هو الواقع جعل الأجهزة الأمنية معبأة دائما للتعامل مع إمكانية حصول جرائم مع ما يتطلبه ذلك من استنفار للموارد المادية والبشرية وهو ما تقوم به فعلا الأجهزة الأمنية المختلفة ويمكن في كثير من الأحيان من منع حصول الجرائم قبل وقوعها واعتقال العصابات المسؤولة عنها إن وقعت.

لكن بالذهاب أبعد من ذلك فلربما يحاول اعلام الاخوان الانتقام من وزير الداخلية على خلفية التحقيقات التي تتم هذه الأيام مع بعض المعاهد والمحاظر التي تشكل روافد للإخوان وساحات لاكتتاب منتسبين جدد، هنا تتكشف أبعاد وخيوط الاستهداف.

والحقيقة أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مؤتمن على الوطن وبذل جهودا مقدرة في جميع المناحي وخاصة في الإطار الديني، فبناء المساجد واكتتاب الأئمة وتكوين خرجي المحاظر في معاهد فنية تسمح لهم بولوج سوق العمل وإقامة قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم وطباعة المصحف الشريف غيض من فيض انجازات هذا النظام، لكن مسؤولية الدولة والقطاعات المعنية تستدعي الإطلاع على حقيقة ما يتم تشييده من معاهد ومحاظر ومساجد والتأكد من مدى التزامها بالمسطرة القانونية والأمر بهذا المعنى بديهي ومن صلب مهام أجهزة الدولة المختلفة خاصة في ظرف دولي وإقليمي تتقاذفه أمواج الإرهاب والتطرف وكما يقال في المثل الشعبي " لماه ساركٌـ ما تخلعُ الكٌصاصة".

فكذلك الإخوان عليهم أن لا يجزعوا إذا كانت روافدهم منسجمة مع القانون، أما إذا كانت تغطي أعمالا أخرى مشبوهة فإن مسؤولية الدولة هي وضع حد لذلك في ظل سيولة واضحة بات الجميع يدركها في بناء المساجد والمحاظر دون معرفة مصدر التمويل والقنوات التي عبر منها والدعوات التي يبشر بها، وفي جميع الأحوال فإن صرف النظر عن هذا الموضوع والتركيز على وزير الداخلية لن يغير من الأمر شيء ولن يصرف الدولة عن مواصلة مسؤوليتها في حماية الأمن والاستقرار وتحقيق الطمأنينة لكافة مواطنيها فتلك هي مسؤوليتها وقد وضعتها في أياد أمينة على تلك المسؤولية.

الشيخ سيدي محمد ولد الطالب ألمين 

أربعاء, 30/12/2015 - 11:17

          ​