ارتفاع البطالة في ظل احتكار الوظيفة العمومية

يشكو معظم الشباب الموريتاني من قساوة البطالة التي باتت هاجسا قويا يقف على طريق كل من كتب له أن يولد هنا في موريتانيا أرض السيبة والأنانية وسيطرة النظرة المادية وسيطرة رجال الاعمال والساسة الكبار.

ففي السابق كانت البطالة حالة طبيعية لندرة الوظائف وقلة الأبواب التي تستقطب الباحثين عن العمل في مختلف التخصصات، أما اليوم وبعد ازهار الاقتصاد وماشهده العالم من ثورة على مستوى التقنيات الحديثثة وعالم التواصل الاجتماعي، وفي ظل النظام الجديد أصبحنا أمام أسباب جديدة في تفاقم البطالة ومن أهم تلك الأسباب ما أصبح يعرف ب"احتكار الوظيفة العمومية".

إن شعبا عدد سكانه لا يتجاوز المليون الرابع وله دولة تنعم بميزانية تناهز 451 مليار أوقية ويملك من الثروات ما يكفيها لأن يكون كل فرد منها مليونيرا، فهذا السمك وهذا الحديد وهذه الثروة الحيوانية وهذه الزراعة؛ دولة تملك في نظامها الوظيفي قرابة ثلاثين وزارة تستقطب كل منها أعداد هائلة من الوظائف ، كل هذا يذهب سدى ويعيش الشاب الموريتاني حديث التخرج حامل الشهادة سنة من الجلوس دون عمل ودعك من من لا يملك شهادة ولا قرابة من ذوي القبضة الحديدة، وكل عولة أبنائه على قريب له مسكة من المال أو الجاه يعبر بها قساوة الواقع ويعينه بها على نكبات العاصمة المادية .

حيث أن البرامج السياسية في الدوائر الانتخابية الأخيرة خلفت نوعا من المنح المقابل للولاء والدعم، كوسيلة جديدة لاستقطاب المواطنين الذين هم في سن العطاء والذين من حقهم أن ينالوا مكانا في دولتهم وفي وطنهم لا على اي حساب.

وبهذه البرامج مضت الوظيفة العمومية حكرا على طائفة قليلة من ابناء موريتانيا؛ يعملون فيها كيف شاءوا، بل في يد أسر معروفة وتحصى على أصابع اليد ويتحكم فيها رجال ونساء لهم المكانة والقدرة على تقليب الموازين في النظام متى شاؤوا.

الوظيفة العمومية التي كان من المفترض أن تكون حقا لجميع الموريتانيين على حد السواء اصبحت قطاعا خاصا يدار بالوراثة من طرف ثلة قليلة ولا نصيب منه لغيرهم إلا بإعلانه الولاء لهم وتقبيل أقدامهم والتبجح بفضائلهم والدفاع عنهم بكل ما أوتي من قوة، حتى أن كبار مثقفينا وبعض سدنة حقل الاعلام يجمعون في مجالسهم الخاصة على أن التقرب والتزلف لحضرة أولائك النفر القابضين بقبضة من حديد على الوظائف هي أسهل سبيل للوظيفة، ولاأمل لمن لم يقف ببابهم، حتى أنهم ينعتون بعض الأسماء كأدوية للفقر ففلان يزار للوظيفة في القطاع كذا ..وفلانة يستنجد بها للوظيفة في القطاع كذا ..وهكذا ..

ولما لم يبق من الوظيفة العمومية سوى موضع قدم ينال بالمسابقات المعنونة بالوطنية أصبح النجاح في تلك الوظائف رهن إرادة هذه الثلة "أصحاب القبضة الحديدية في نظام اليوم، ومضى الناس يتاسبقون في نيل قربهم ورضاهم بدلا من الجد والاجتهاد في المسابقات.

وبين هذا وذاك ترتفع نسبة البطالة في صفوف الشباب المورييتاني ويبقي المواطن الموريتاني في قبضة هوانه عند هؤلاء وبين قوة الصراع القائئم بين اطراف تلك الثلة القوية، ليضيع مستقبل أجيال كان لها الحق في أن تحظى بمكان في دولتها وعلى أرضها.

ديدي نجيب

خميس, 11/01/2018 - 00:45

          ​