الجلوس بين ابجدية الصمت

الصمت والكتابة نصوص تسكننا ونعيشها خلال كل وحدة ننفرد بها عن الآخر .

وقفت متسائلا هل تركتني الكتابة؟  والصمت عاد يعودني خفاءا ويوليني جفاءا ؟
وكأنني لم أعد أنا !
والنوم ضاق ذرعا وأذاع شكواه..فأينا تغير؟ وأنا أي الشجون يمسك زمام مطيتي وأين أراه اليوم يحط من اثقالي؟
والبوح فيه سوف تظل بقية والصمت يشبع اذن ضيف زماني؟
هل تلون صمتي بواقع اليوم وانمحى وده  أم أنني لم أعد من كان يسكن اللغة في وعكاته ودواهيه وتجبر صدعه وتطفئ غيظ لهيبه بهدوء وحنان صادق.
حين كنت أنجو من كل هول بمجداف من الحروف يحميني ويبعدني عن منطقة الخطر، هل أشكو إليهما وكان القلم والصفحة البيضاء ووحدتي ونغمات من الهول سلاحا يكفيني لشهر من الخمول، وقراءة واحدة تعيد لي اليقين أنني مازلت على الطريق القويم..
هل مضى زمن القلم وتصدير الصمت في قطع صغيرة قابلة للمضغ في الظلام يكفيها دفتر صغير، وجئنا عالما آخر كاد يفرض علينا أن ننظر أكثر مما نريد ونشاهد ما لا نريد ونجالس من لا نحتمل صوت نفسه، ولا نطمئن لقربه، ونجيب صرخات مزعجة تفد علينا من قليب نجهل ساكنه، ولم تعد لنا صاغية بين آذان القربى، وليست لنا رغبة في قرب من ابتعد عنا، وألفنا المقام بهذا الهوان حتى انسجم كبرياءنا مع نفرته واستقام نفورنا مع مرارته وخشونته..وامضينا به حياة ما كنا نطمع بها علي اليابسة، أيام كنا مخلوقات برية، وقبل أن نصبح برمائيين.
إنه يحاول بكل قوته أن ينتزع منا بشريتنا ويهبنا خصائص شعورية وميولات أخرى لم نك مؤهلين لها من قبل، لقد أصبح يسكننا عالم لا مناص منه، نشعره وهو يتحرك في هدءتنا وفي انفعالاتنا ويقول عنا ويفعل ما لا يمثلنا، هل يريد منا أن نذوب في قهره وننصاع لإرادته وإملاءاته.
تائها أصبحت يا إنساني في ربوع ذاتك تعبر أنجاد التاريخ وتتبع أغوار الذكريات متفقدا شعورك التليد وتبكي ماضيك السحيق وتلتمس مساحة من الانتظار والتريث تحاصرك في كل خطوة تقررها صوب ماهيتك الاولى..
وأصبحت أخاف الجلوس بين ابجدية الصمت فما عادت ظلاله تستر رأسي ولا فيؤه يقي املي العريض ولا يجدي نفعا في نفثات الرتابة التي تطاردني عن حياض الادراك والفهم ووعي ما يحصل، هل أنا في حرب معك زمني والزامات العمر الذي ندور في درجه نحو الحياة، تسألني أين بقيتك وما محطتك الأخيرة..

جهل مطبق هو ملاذ كل ثورة توقد نارها في صميمك يا ما أنت؟ تتسلق كل مساء بشعور نفد وقوده وخفت غنيمته، فما عاد يشفي غليل السائبة، ولا يفي حق الطموح.

ديدي نجيب

سبت, 17/02/2018 - 03:06

          ​