هل آن الأوان لقولها بكل جرأة وبكل سهولة وعلى الملأ؛ إنه لا وجود لصحافة مستقلة ولا لإعلام حر في موريتانيا ، رغم ما منحته الدولة من حريات وما بذلت في سبيل تسهيل عملية التعبير الحر عن الرأي.
حقيقة تسكن معظم الذين يملأون هذا الفضاء الاعلامي وينشطون به، إنه لا توجد قناة إعلامية ولا إذاعة ولا موقع الكتروني ولا نقابة ولا رابطة ولا اتحاد إعلامي يعمل باستقلالية وبعيدا عن حضانة السياسيين أو رجال الأعمال أو رجال في الدولة، هذه الحقيقة المرة التي تغرز كيان الحقل بكل جرأة وعلى مرأى ومسمع من الناظرين.
إن العملية التي يتم وفقها إبداء الرأي اليوم ليست بريئة فجميع من يكتبون وجهات نظرهم ويعملون في المنابر الاعلامية ويقدمون مادة إعلامية للعالم وللمواطن في موريتانيا، يخدمون من خلف ذلك جهات وصية ويؤثرون مصلحة تيارات سياسية ورجال أعمال وساسة على حقيقة المهنة الموكلة بهم؛ خلافا لمبادئ الاعلام الأسياسية.
لقد أصبحت المادة الاعلامية هنا في موريتانيا تجارة رخيصة تباع وتشترى كما أي سلعة من سلع السوق، وأصبحت عملة تطوّع لخدمة بعض القضايا السياسية والجهوية والفكرية، وحين تتعارض مع المصلحة العامة للدولة يبدأ أصحابها في رفع شكايات من التضييق على حرية الاعلام ونعت الدولة بأنها تكبح جماح الحقل الاعلامي وتقدمه، في حين أن هدف هؤلاء هو تسهيل طريقة يحصلون بها على خدمة مصالحهم الخفية بوسائل إعلامية تدعي الاستقلالية والمهنية وهي براء من كل ذلك.
إن الدولة هي من صنع هذه الفوضى التي تعصف بحقل الاعلام، وعليها أن تجعل حدا لذلك، حيث منحت الحريات المفرطة، فغدا كل من هب ودب يرتدي ثوب الصحافة ويمتطي قلمه ويذهب في جمع فتات العيش من كل منفذ، إن الصحفي الحق هو من يحمل رسالة ويهتم بهموم الشعب وينتقد النظام ورجال الساسة ويقف نفس المسافة من الجميع، ويعبر عن صوت الضعيف ، وليس من يتأبط منبرا إعلاميا أو قلما يدخل به بيوت المسئولين وكبار رجال الدولة ليبيع حظه من السمعة بقضايا أخرى وشعارات لا تخدم الوطن ولا المواطنين.
أما عن خبر القنوات الاعلامية والاذاعات هنا فحدث ولا حرج فما خبرها إلا كبراقش تجني على أهلها الرزايا والمتاعب ، ويظنون أنها تهتم بشيئ من أمرهم ، فقد برح الخفاء وصرح المخض عن الزبد، وثبت أنها كغيرها من بني غزية قد غوت وأغوت، وأولت قفاها الوطن وهمومه وذهبت من الهجران كل مذهب تجند مادتها الاعلامية لخدمة جهات أجنبية وأياد خفية ضدا على ما كان يجدر بها ويحق بها أن تعمل، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
يجب على من يملك منبرا إعلاميا ايا كان شكله أو من أخلص نفسه لخدمة الاعلام أن يحترم هيبة الدولة ورموز الوطن ورجال السياسية من النظام والمعارضة ويجعل وطنه فوق كل اعتبار وفي جميع الظروف، ولا تستهويه طارئة أن يجمع قوته وعتاده في تحطيم بلده ورموزه ويتجاسر على خطوطه الحمراء وعلى مصلحته العامة، وإلا يكن به وطر لمال فعليه أن يغير وجهته نحو التجارة فهي أربح وأنقى من بيع العرض والسمعة واللسان.
ويبقى الاعلام أسير وهن قبضة القائمين عليه، إلى جانب سياسة منحطة بين معارضة فاشلة ومولاة لا وجود لها إلا في الحفلات واتحادات ونقابات وروابط ضعيفة وواهية لا وجود لها إلا بالبيانات والتنديد و لا تعرف مع من تتحد وتتضامن هل مع الصحافة أم مع السياسيين؟ .
ديدي نجيب