شعر الكثيرون بالشفقة على رئيس حزب التكتل أحمد ولد داداه وهو يتعهد- في مهرجان شعبي بانواكشوط- بعدم ملاحقة رئيس الجمهورية قضائيا إذا تنازل عن السلطة، ومرد الشفقة هذه أن الرجل ليس في وضع يخوله إطلاق هذا الوعد، كما أن الرئيس ليس بحاجة إليها.. هو إذن عطاء من لايملك لمن لا يحتاج كما علق أحدهم مدونا..
كان مهرجان الأربعاء باردا، ولم يحمل أي جديد، وإذا قيس بمهرجان حزب اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد سلف التكتل في تسعينات القرن الماضي فإنه من أدناهم حضورا جماهيريا، وأفقرهم خطابا سياسيا، وأقلهم زخما إعلاميا، رغم الموارد المالية الهائلة التي تم رصدها له والتي حصل عليها الحزب من أحد "المحسنين" عبر إحدى الصرافات المعروفة في نواكشوط لتمويل المهرجان..
عكس الخطاب "السياسي" في مهرجان الأربعاء مستوى الإفلاس الأخلاقي والسياسي الذي وصل إليه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية، بعد عقود من "النضال" كانت نتيجتها نهاية حزينة لحزب على شفى الإفلاس بسبب الهجرات المتتالية وحالة الاستنزاف الدائم التي يعيشها منذ تأسيسه، ويكفي دليلا على ذالك أن جميع الناشطين في المعارضة الآن هم من خريجي التكتل ممن ضاقوا ذرعا بدكتاتورية الرئيس ولد داداه، ونظرته الأحادية للأمور داخل وخارج التكتل.
يعرف الموريتانيون ولد داداه منذ فترة طويلة، لكنهم خبروه عن قرب، لذلك رفضوا منحه الثقة في أربع استحقاقات رئاسية متتالية، حصل في أولها على 32% عام 1992 وفي الثاني على 6% عام 2003 وفي الثالث على 47% عام 2007 وفي آخرها على 13% عام 2009 .
وعكسا لما هو سائد في الديمقراطيات المعاصرة من اعتزال السياسية حال فشل المرشحين في أي انتخابات، فإن ولد داداه ما يزال يستجدي الشعب الموريتاني منحه الثقة في كل مرة، و حين قررت "المعارضة" 2009 خوض الانتخابات بمرشح واحد اعترض ولد داداه ورشح نفسه منافسا لحلفائه أولا قبل أن يكون منافسا للمرشح ولد عبد العزيز أنذك.
إن الحديث عن تقديم ضمانات للرئيس محمد ولد عبد العزيز إذا غادر السلطة أقرب إلى التخريف منه إلى أي شيئ آخر.. فمن هو ولد داداه الذي يقدم الضمانات ويسحبها.؟ ولمن يوجه خطابه؟
من المؤكد أن الرئيس محمد ولد بد العزيز الذي صوت له الموريتانيون في استحقاقين رئاسيين مشهودين، ليس بحاجة لهكذا ضمانات ممن لا يملكها أصلا، والشعب الموريتاني الذي التف خلف قائده منذ حركة التصحيح كما سماها ولد داداه عام 2008 لن يصغي لهذا الهراء الذي لا قيمة له..
إن السياسيين الذين لا يقرأون المشهد السياسي يدفعون دائما ضريبة باهظة، وهذا ما حول التكتل إلى حزب ميت سريريا، بسبب ضعف البصيرة، وسوء التقدير، وهشاشة المرتكزات..
د. أحمد ولد اميسه