تفاوت المراقبون في تقييمهم لمهرجان حزب التكتل الذي نظمه مساء الأربعاء الماضي، حسب زاوية رؤية كل منهم وخلفيته السياسية وربما الجهوية، لكن الذي أجمع عليه هؤلاء بمختلف انتماءاتهم هو السقوط المدوي لرئيس التكتل أحمد ولد داداه خلال خطابه أمام الحاضرين، حين أعلن نيته العفو عن الرئيس إذا تنحى من منصبه..!
كان إعلان العفو!! سقوطا مريعا لرجل حاول أكثر من مرة الظهور بمظهر الوطني الغيور على بلده وشعبه.
في ذروة انفعاله نسي ولد داداه من يكون، وكيف كان، وإلى أين وصل، فطفق يتعهد بما لا يملك ودون أن يخوله أحد الحديث باسمه، ونسي أيضا التجارب الطويلة له مع الفشل في استعطاف الناس والحصول على تزكيتهم.
ثمة عامل آخر خفي عن عيون المراقبين وهو الأهم كان له الدور الأبرز في تصعيد الخطاب السياسي لزعيم التكتل، وهو ظهور رقم جديد في معادلة التكتل يتمثل في الراعي الرسمي للمهرجان الذي تولى تحويل الأموال من خارج البلاد وتوزيعها على قياديي ونشطاء الحزب قبل التظاهرة بأيام قليلة.
هذا "الراعي الرسمي" فرض لغته على رئيس حزب التكتل الذي تحول إلى وسيلة اتصال بينه وبين الحاضرين، ومرر عبرها رسائل مشفرة وأخرى مفتوحة للنظام الحاكم.
من المؤسف حقا أن ينتهي المطاف برئيس التكتل وبعد كل هذه السنوات من "النضال" إلى ساعي بريد يحمل رسائل غيره، من العاجزين عن توصيل رسائلهم مباشرة، رغم أجواء الحريات غير المسبوقة في تاريخ البلاد، وحرص النظام على ضمان هذه الحرية، وعدم المساس بها تحت أي ظرف.
هي بصراحة نهاية مأساوية لـ"عبقري" كانت تحتاجه موريتانيا في تسعينات القرن الماضي، "عبقري، حاذق وامجرب"، لكنه اختار أن يترجل عن فرسه بهذه الطريقة، التي ظهر عليها مساء الأربعاء الماضي في ساحة ابن عباس..
عموما نحن نلتمس للرجل أحسن المخارج، فقد أضناه السير في متاهة لا أول لها ولا آخر، وقرر أن ينتحر على منصة ابن عباس بعد أن جمع الشهود واستدعى وسائل الإعلام، لينتهي مشوار سياسي يدعى أحمد ولد داداه إلى الأبد..
محمد الأمين ولد اسويلم- قيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية