بالمرصاد لأعداء الوطن.../عبد الله فال المصطفى

 

نشرت رويترز نص وثيقة أفرجت عنها وكالة المخابرات الأمريكية. وضعت الوكالة الوثيقة تحت عنوان:"وثيقة: قادة القاعدة كانوا يخططون لإبرام اتفاق سلام مع موريتانيا"... واستطردت الوكالة..."أن قادة تنظيم القاعدة ناقشوا خطة للإعداد لاتفاق سلام مع حكومة موريتانيا." يتعلق الأمر إذن بخطة في طور النقاش بين قادة القاعدة. تستهدف الخطة الإعداد لاتفاق سلام. بمعنى أن أي شيء لم ينجز على أرض الواقع، وإنما هي خطط، ونقاشات بين قادة لم تذكر أسماؤهم، ولا انتماؤهم لأي فرع من أفرع القاعدة. ذاك هو مضمون الفقرة الأولى من الوثيقة.

لكن هذه الفقرة، تنقلب شيئا آخر لدى أحد المواقع الموريتانية. يبدأ استغلال الوثيقة ضد الوطن، منذ العنوان. يصوغ الموقع عنوانا مختلفا تماما عن العنوان الذي وضعته رويترز، ولا صلة له بمضمون الوثيقة: "واشنطن : موريتانيا فاوضت القاعدة وعرضت تعويض خسائر التنظيم". ليس في الوثيقة ما يدل من قريب ولا من بعيد على أن موريتانيا "فاوضت"، أو أنها "عرضت تعويض خسائر التنظيم". فما الهدف من صياغة عنوان كهذا سوى الاساءة إلى الوطن، وتشويهه!

ويبلغ التزوير ذروته حين يقول الموقع.."نشرت الحكومة الأمريكية نص العرض الذى تقدمت به موريتانيا لتنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى من أجل تجنب أراضيها، ضمن هدنة تستمر لسنة قابلة للتجديد، ودفع مبالغ مالية تصل 10 مليون أورو. وينص العرض الذى تقدمت به الحكومة الموريتانية 2010 على الإفراج عن كافة معتقلى القاعدة بموريتانيا والتعهد بعدم شن أى غارة على معاقلها فى الشمال المالى". أي صلة بين ما يقوله الموقع، وما ورد في الوثيقة؟ لم تتحدث الوثيقة عن موريتانيا إلا من خلال خطط، ونقاشات قادة القاعدة، ولا ذكر إطلاقا لأي مبادرة، من أي نوع للحكومة الموريتانية!!! فما الذي يهدف إليه الموقع؟ هل تريد التحريض على الوطن؟

ويستمر الموقع في قلب الحقائق حين يقول.." لكن مسؤولين كبار..." وهذا تلخيص غير أمين لفقرة الوثيقة التي تقول.."وقال مسؤولو مخابرات أمريكيون كبار..." فقد تعمدت المواقع إسقاط صفة "مخابرات أمريكيون" عن المسؤولين للتقليل من صدقية شهادتهم. فمن المعلوم أن الوثيقة كانت في حوزة المخابرات الأمريكية، وحين يصرح مسؤولون كبار فيها بانعدام الأدلة على إبرام أي اتفاق، أو حصول أي اتصال، فإن ذلك يفقد الوثيقة أية قيمة يمكن أن يعتمد عليها للحديث عن اتفاق مفترض. كما أقحمت  كلمة "محضر اتفاق" التي لم ترد، ولا مرة واحدة في ما نشرته رويترز، التي يحيل إليها الموقع.

تحلت "ارويترز" بالمهنية، حين اتصلت بالحكومة الموريتانية طالبة تعليقها على الوثيقة قبل نشرها، ونشرت التكذيب الصريح لحدوث أي اتصال بين موريتانيا والقاعدة، وأي علم لموريتانيا بنقاشات وخطط زعماء القاعدة. لكن الموقع المحسوب على حزب سياسي معروف أسقط هذه الفقرة من خبر رويترز الذي يحيل إليه. وإذا كنا لا ننتظر من الموقع المشهور بصناعة الأخبار التي ينسبها إلى "مصدر حكومي مأذون" التحلي بالمهنية فإننا نتساءل ما الذي يقصده بعدم ذكره لتعليق الحكومة الموريتانية على الوثيقة؟

       إن حرية الصحافة لا يمكن أن تتخذ مطية لتشويه صورة الوطن، وترويج الأكاذيب، وإثارة الفتن. فكل الموريتانيين يعلمون أن هناك شبكة إعلامية واسعة لها مواقعها الألكترونية، وعشرات الصفحات، والأسماء المستعارة التي تبث الشائعات، وتدعي الاطلاع على أسرار الدولة، وهي ذات أجندة حزبية صريحة تعمل على الترويج لحزب سياسي له ارتباطات أجنبية ومستعد لإحراق الوطن من أجل أن يصل إلى السلطة... لكن الخيرين من أبناء هذا الوطن سيقفون لهم بالمرصاد. فإذا كانوا قد امتهنوا تلميع أشخاص، وتشويه آخرين إثارة للفتنة، فإن المس بالمصالح العليا للوطن خط  أحمر...

خميس, 03/03/2016 - 11:36

          ​