نحن هنا في الحياة..!

تعترض طريقنا ونحن نبحر في ضباب الوجود الاضطراري في إحدى أقوى ضربات الواقع؛ عتبات قوية تسد علينا أفق الانسياب والتلقائية في الحياة، فنشعر أننا في قبضة الحيرة وأننا في منتصف الجهل لا ينجينا من ذلك نوم ولا كتابة ولا ترف، وتدعونا اللحظة إلى ولوج عالم غريب نادرا ما نتسلل إليه، عالم غير قابل للتجربة، ننشطر فيه نصفين ويحدث بعضنا بعضه، ويمسكه ويسبه، وقد يتجاشران وقد يضر أحدهما الآخر، وقد يتقاطعان لفترة زمنية بحساب أهل الدنيا.

وفي عمق النفق نمسك صوتا من ذواتنا يرتعد في نفسه الأخير، لنشعر أن هناك أفعالا قابلة للتجربة، وأخرى لا تقبل للفعل وإنما نصل إليها بالتلقاء وهي جزء منا، حيث لا تمكننا الاستراحة من الحياة، فهناك استراحة من التعب واغفاءة بعد الأعياء وصمت بعد الكلام وأكل على الظمأ وشرب على العطش، ولكنه لا توجد استراحة من الحياة داخل الحياة، وحين لا نجد ضدا ملازما للحياة غير الموت، نجدنا نقتنع أننا لا نستطيع أن نموت، ولا يوجد فصل من الحياة يفصل بينك وبين الرتابة والاصطدام بالحادثية، وفرضيات الذات، إننا نبحث عن باب يوصل سالكه لشيء غير ذاته غير المساء والصباح غير خبز ولين ونوم وسؤال وجواب وانتظار وتريث وجهل ونظرات تائهة.
إننا نمسي ونصبح في الحياة ونكد للبحث عن الحياة داخل الحياة.

ويعود بنا الحديث لكُنه الحياة وعمق ماهيتها، مع تجاوز قليل لبعض الاذعان والاستسلام، لنصل لبداية تجربة الحياة، ويصطفينا الحلم والأمل، للتصالح والابتعاد ونبدأ في رص الصفوف لأعود إنسانا "فلان" وتناسب طبع وذوق ومعرفة وثقافة من أنت بينهم.
وأخيرا وحين نكاد نمسك خيطا ذابلا يصلنا بعالم آخر لم نجربه سابقا، نستيقظ على ضوء يتسلل لعيوننا ليحدثنا أننا كنا في حلم وأننا لا زلنا هنا في الحياة.

ديدي نجيب

اثنين, 07/03/2016 - 10:55

          ​