حين تتلاعب بك حروف واهية من زمن ما قبل التاريخ والكتابة والتدوين..
حين تمسك زمامك وتسوقك سوق البعير صوب ما لست تدري ..كأنك في رهبة حلم لا تنجيك منه يقظة...
إن الكتابة قد تريد مبارزتك على غفلة منك وبصارم ليس من خشب ...
تريدك غير ما أنت ...وغير ما ألفك الجلساء
تريدك بأثواب من الجرأة لا تناسبك ..صنعتها ولامقياسها ولاعمرها ..
إن العالم الذي بعثت به منقطع عن أسراب الوحي لا يصله مدد .. و لاجديد به ولا مصدق يصغي لرسالتك..
و إياي أن تخف نشوب عداء داخل أغطية صمتك ولا ترهب أن تشب نار الحرب يينك والكلمات، وتتوعدك النصوص في أول غفوة تعيذ بها نفسك من زحام المألوف..
حين يطلع عليك صباح يوم تدك حصون وحدتك بصولة من الخيول الجامحة وعلى صفواتها فرسان من الماضي يريدونك بالأسر والقتل..
وحين يتجزأ المساء في بحر من لغتك الهائمة وتنظرك شزرا تقصد الشر ، وتوليك وجه الشفقة والحنين، ويتملكك الذعر في آخر دقات قلب المساء .
إن الكتابة ليست حرزا يستعمل في شفاء الظروف وتطويع الزمن لرغبتك، و يصطفيك إلى رتب النجباء ولا درعا تتقى به هجمات الأشاوس، ولا سمعة ترفع مقامك بين أترابك يوم الجمع وعند اللقاء، لكنها وعكة تصيب الانسان في خلده وفي صميمه وتسكن في لغته وتسيطر على انفعالاته، وتصارعه حين يريد تقديم رجل عن الأخرى، وتوقظه من نوم على تعب، وتتبعه أثرا محاه الزمن في طريق وعر داخل ثوابت لا تسمح بلمسها..
أذكر أن صديقا لي سألني ذات بوح وأنا في أوج الصراع مع الكلمات المتحمسة لولوج عالم الآخر، قائلا: لما ذا تكتب شيئا تعرفه؟ فاضحكني جدا ؟؟ ولم أجبه لكني سألت نفسي هل أعرف ما أكتب؟ وأجابتني أن ذلك ليس من شأني ؟
وتبقى هناك بقية من نصوصنا قيد الاسر ولا تنتظر فداءا ولا منّا..حتى تضع الحرب أوزارها..أو تجد من يفديك بذبح عظيم...
ديدي نجيب