لاحظ بعض المتابعين للشأن السياسي أن صراعات قوية تنشب بين قطبي المعارضة والنظام حول التقرب من الرئيس محمد ولد عبد العزيز بوسائل لم تعد مستورة كما كانت.
حيث أن الاعتبارات السياسية والمبادئة الحزبية التي جرى بها عرف السياسة في موريتانيا قد تغيرت وتبدلت بأخرى جديدة؛ وليدة عصر السرعة وحب الثروة والغنى بسرعة، فلم يعد حب الوطن وهموم المواطن ومعاناته يشغل بال السياسي، وتغير معنى "المعارضة" ومعنى "المولاة" ؛ الشيئ الذي جعل من المصلحة الشخصية ركيزة ومبدءا أولا يبنى عليه رجل السياسة مبادئه ومنهجه، وهكذا أصبحت كلمة الموالاة تصدق عند بعض السياسيين على من يكثف جهوده للتقرب من الرئيس وامتلاك وظيفة ويجتهد في كل ما من شأنه أن يقوي مكانته ويرسخ قدمه في فلك النظام حتى تتم له أسباب السيطرة والتحكم في ثروة الشعب وممتلكاته بحق مكانته، فيما بقي رجال السياسة المخلصين في حيرة لا يدري يمينه من شماله ولا قبلة تنجيه من الواقع المتردي الذي يطبق عليه فكيه .
أما المعارضة فإنها أصبحت سبيلا لولوج النظام ومعترك الوظيفة، فما إن ينال المعارض وظيفة في الدولة أو منصبا ساميا حتى يتنكر لشعبه وسياسته ومبادئها، وينتهي من الصياح والتظاهر ويبدأ في بناء نفسه وخاصته، ويتجنب مصلحة البلد ومشاكل المواطنين، ويصبح يفكر ويخطط وكأنه هو النظام، حتى أن الرأي العام تفاجأ بأنه ما إن ينال معارض حظا من التعيين والوظيفة السامية حتى تتم ترقيته لأعلى الرتب ويتسيد على المخلصين لولد عبد العزيز والذين جاؤوا معه يوم أتى، وهنا نضيف أن بعض أعضاء الحكومة وبعض مستشاري الرئيس ومستشاري الوزير الأول وبعض قيادات الحزب الحاكم لم يمنحوا أصواتهم لولد عبد العزيز، وهذا تناقض صارخ في ذاته، فأين الذين منحوا ولد عبد العزيز أصواتهم مخلصين حتى نال ما نال في الانتخابات الرئاسية، لماذا تقدم الوافدو نالجدد على الموالين القدماء؟
من هنا أصبح المواطن والوطن ضحية هذه الصراعات التي ستأتي على الأخضر واليابس وتقضي على مبادئ وقيم وتضحيات رجال السياسية في موريتانيا فلكل ينشد مصلحته الخاصة جاعلا من النظام قبلة لتحقيق حلمه المنشود.
و نتيجة هذه المعركة أن الموالاة انقلبت إلى معارضة حقيقية، وأصبحت المعارضة أكثرا حرصا على التودد للنظام ولا تريد بديلا بالوظيفة والمكانة.
إنها معركة جديدة بين المولاة والمعارضة وسباق نحو الاستفادة من النظام بشتى الطرق، حتى أن بعض المتابعين للشأن السياسي أثبتوا أن هذه المعركة ستخرج عن معترك السياسة ومصلحة المواطن والبلد وتصبح المصلحة هي ميدان المعركة والتقرب من النظام والحصول على منصب من الثروة هو الهدف المنشود من كلا الطرفين.
هنا نتساءل هل ءان لولد عبد العزيز أن يتنبه أن هذه الجماعة السيئة التي تحيط به من موالاة ومعارضة لا تريد غير مصلحته الخاصة، فعليه أن يبعد عنه أولائك المتظاهرين المخادعين، ويجعل من مصلحة البلد وتحسين حال المواطن الضعيف أولوية، وذلك بإزاحة البطانة المحيطة به، واستبدالها بالمخلصين له من الأكفاء المجربين أصحاب الخبرة، وهو يعرفهم تمام المعرفة.
اتلانتيك ميديا