تقوم الانتقائية كمذهب فلسفي على أساس جمع عناصر من مكونات مختلفة لتشكيل نسق واحد منسجم ومتوازن ، وقد ازدهرت في فن العمارة الاوربية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر كمنهج يوالف بين الاجزاء ويستجيب للتوازن الكلي الذي يحكم البناء برمته..
الانتقائية في بعد اخر شكلت مدرسة في علم النفس الكلينيكي لتشخيص وعلاج الأمراض النفسية اما بالمعنى اللغوي فهي تعني في بعض معانيها اختيار الافضل والانقى والاصلح وقد تستخدم بالمعنى الدلالي العكسي والسلبي، مثال ذلك انتقائية بعض القوى العظمى في التعامل مع قضايا الشعوب النامية بتعسّف في تطبيق القوانين وهو المنطق الذي ساد على ما يبدو في تسيير المؤسسات في دول العالم الثالث بما فيها بلادنا التى وجدت فيها الانتقائية كمنهج سلبي الارضية صالحة لانتاج عينات فريدة منها ، بعد ان تطورت اساليب التحسين الوراثي لها فظهرت منها "سلالات" مختلفة
فحين تغيب معايير التقييم الموضوعية تولد "انتقائية مجحفة" تقود في النهاية الى تحييد مكامن القوة والتميز ، وتدفع ب"القشور" الى الواجهة، حتى لا اقول انها تجمع خفافيش الليل التى بهرها ضوء المصباح لتشكل قوة غاشمة انتقامية ترى ان من "اشعل المصباح" كان يريد إحراقها .. تبدو لي الانتقائية وفق هذا المفهوم منهجا مفروضا بقوة النفوذ الذي يعتمد على قوة "مصدره" .. غالبا يكون المصدر "قبليا " يجيش ب"جاهليات" تلازمنا منذ عبس وذبيان ونمير وكعب وكلاب، وتتمرس خلف "تاويلات" وخرافات ظهرت في سياقات تاريخية تميزت بتفاوت كبير في المعرفة وضعف في فهم الدين، ان كل تلك الانساق انصهرت لتصنع كشكولا انتقائيا نفعيا يكبل جهود الارتقاء ويصنع من نفسه ناموسا يسري على الجميع بل سلطانا يفرض بفهرماناته ،كل القرارات وهو في سبيل ذلك يستعين ، ب"كومبارس" من المتملقين الذين لا يقوون على الوقوف وحدهم مثل "عرش اعلندة"لذا يبحثون تحت ظلال سيوف الانتقائيين عن مساحة ..للتموقع في مكان استراتيجي يسمح بجمع فتات الغنيمة التى يعود بها ابطالهم
تحاول في خضم هذه الحالة قلة من العصاميين المارقين على "جبة الانتقائية" وكهنوتها ان تتعلق في حبل الصبر مفضلة ان تمحي خطوط اكفها بخشونة الحبل لا ان تمحي من فرط التصفيق ألاواعي خلف خطوط الوهم ..